انقشعت (غمة) نتائج الشركات السعودية للربع الأول من العام 2009م بخيرها وشرها، وودعت السوق على أمل العودة له بُعيد انتهاء الربع الثاني بنتائج نرجو الله أن تشهد تحسناً ونمواً يتأكد من خلالها زوال خطر الأزمة العالمية، وانقشاع تداعياتها إلى الأبد، بإذنه تعالى.
سجلت نتائج الشركات المجمعة في الربع الأول، بحسب دراسة أولية أجرتها (أرقام) تراجعاً بلغت نسبته 48 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام 2008م، حيث بلغت أرباح الشركات الصافية 11.1 مليار ريال مقارنة ب21.4 ملياراً للربع الأول من العام الماضي. انخفاض حجم الأرباح المجمعة للشركات السعودية لا يمكن أن ترسم صورة المقارنة العادلة للربحية، على أساس أن مطلع العام 2008م يمثل ذروة نمو الاقتصاد في الوقت الذي يعتبر فيه الربع الأول من العام 2009م امتداداً للأزمة المالية العالمية التي كلفت، بحسب صندوق النقد الدولي أكثر من أربعة تريليونات دولار نتيجة شطب الديون الهالكة، وأدت إلى إخراج كبريات المصارف والشركات الصناعية العالمية من السوق. رغم الظروف القاسية نجحت الشركات السعودية في تحقيق أرباح مجمعة بلغت 11.4 مليار ريال مقارنة ب7.39 مليارات للربع الرابع من العام 2008م. نمو الأرباح الفصلية يشير إلى تعافي الشركات، والسوق السعودية من الأزمة العالمية، وهو أمر يدعو إلى التفاؤل بقادم الأيام.
بعيداً عن النتائج المُطَمئنة نسبياً، جاءت (شفافية السوق) مخالفة لتوقعات المراقبين، وتصريحات المسؤولين التي أكدت دائماً على تطبيق معايير الشفافية القصوى في السوق السعودية والمتابع لتداولات الأسبوع الماضي يلحظ (احتمالية) تسرب نتائج الشركات القيادية لبعض كبار المضاربين. إن بعض عمليات التداول لا يمكن فصلها عن نتائج الشركات المعلنة، خاصة الشركات القيادية المؤثرة في تداولات السوق.
(سابك) كان لها أكبر الأثر في حركة المؤشر منذ 13 - 4 - 2009م حيث أوحى ارتفاع السهم التدريجي للمتداولين بإيجابية النتائج، بعد أن رُبِطَت بتصريحات بعض التنفيذيين المتفائلة بأداء الشركة. ارتفاع السهم التدريجي قاد كثيراً من المتداولين للدخول فيه طمعاً في الربح المتوقع بعد إعلان نتائج الشركة التي جاءت قاسية، بعكس التوقعات!!. تكبد بعض المتداولين خسائر مالية بحدود 20 في المائة خلال أيام معدودات. مصيبة (إعادة تقييم الشهرة) أصابت السوق والمتداولين في مقتل. ولم تتعامل الشركة بحرفية مع إعلان النتائج المخيبة للآمال، خاصة وأنه الربع الأول الذي تسجل فيه الشركة خسائر منذ سنوات طوال؛ تهيئة السوق والمستثمرين بالنتائج السلبية والمتغيرات المؤثرة يمكن أن يساعد كثيراً في امتصاص الأزمة. التوقعات المستقبلية إحدى الأدوات المستخدمة في الأسواق الكفؤة، والنادر حدوثها في السوق السعودية.
أزعم بأن السوق استبقت خبر سابك قبل إعلانه، بل إن (إطفاء الشهرة) كان معلناً في مواقع الإنترنت، قبل الإعلان الرسمي بيومين، حيث أكدت تحقيق سابك لخسائر فصلية بحدود مليار ريال!، ومع ذلك استُغل الخبر لإحداث الضرر الأكبر بالسوق والمتداولين. يمكن لهيئة السوق المالية مراجعة مواقع الإنترنت للتأكد من تفاصيل التوقعات التي يفترض أن لا تكون متاحة للهواة!!. تسريبات الإنترنت عادة ما تكشف عن نوعية الشفافية المتاحة في السوق السعودية. لم تكن تداولات سهم (المملكة القابضة) الأيام الماضية، معينة على تحقيق (مزيد من الشفافية والعدالة في السوق). حقق السهم مكاسب قاربت 60 في المائة خلال مدة زمنية قصيرة، وأغلق على النسبة القصوى لخمسة أيام متتالية دون أن تتدخل هيئة السوق المالية لتوضيح الأمر. عكست تداولات السهم يوم الثلاثاء الماضي توجيهاً متعمداً، حيث لامس سعره النسبة القصوى قبل أن يُغلق منخفضاً بنسبة 5.69 % تقريباً. نحن نتحدث عن تذبذب سعري كبير بلغت نسبته 16 في المائة تقريباً من أعلى سعر سجله السهم في ذلك اليوم. نُرحب بعودة الأسهم إلى أسعارها الأساسية، ونفرح بأي دور إيجابي يمكن أن يساعد في صناعة السوق (الهالكة) إلا أن الصناعة السلبية، أُحادية المنفعة، عادة ما تُسهم في زعزعة السوق لا استقرارها.
عندما تتسرب الأخبار المهمة، وتمتنع الشركات القيادية عن اطلاع مساهميها والمستثمرين بالمتغيرات المؤثرة في نتائجها المستقبلية، وتتناقض توقعات التنفيذيين المتفائلة مع ما تسفر عنه النتائج الرسمية، تصبح الشفافية شعاراً خاوياً من مضامينه الأخلاقية والقانونية. المزيد من الشفافية والعدالة والثقة هو ما تبحث عنه سوق الأسهم السعودية، ولا شيء غير ذلك.
f.albuainain@hotmail.com