قبل الحديث عن مغالطات إسرائيل وبعض الدول والمنظمات الدولية نطرح السؤال الآتي: ماذا كان متوقعاً من التحقيقات الداخلية التي أجرتها إسرائيل حول انتهاك جيشها للقوانين الدولية خلال عدوانها على غزة؟ بالتأكيد أن هذه التحقيقات لم ولن تدين إسرائيل!. وهذا ما توصلت إليه منظمة حقوق الإنسان الدولية التي اعتبرت أن نتائج التحقيق الإسرائيلي تفتقر إلى المصداقية!؛ ما دعاها إلى المطالبة بتحقيق دولي محايد في هذا الشأن.
وبالتأكيد أن نتائج التحقيق خرجت مغلوطة؛ لأنها مبنية أساساً على افتراضات غير صحيحة. ومنظمة حقوق الإنسان الدولية نفسها تقع في نفس المغالطات الإسرائيلية. وسنتناول هذه المغالطات بإيجاز لنؤكد أن نية إسرائيل هي في تشويه الحقائق وأن المنظمة الدولية أيضا تسير في نفس الاتجاه الخاطئ.
فإسرائيل تقول إنها أجرت تحقيقات حول انتهاك الجيش للقوانين الدولية خلال الحرب في قطاع غزة. هذه العبارة وحدها تحمل عدة مغالطات. أولا ما حصل في قطاع غزة لم يكن حرباً؛ فالحرب تدل على أن هناك معارك بين طرفين متنافسين على درجة متساوية أو حتى شبه متساوية من القوة والإمكانيات. في حين أن ما حصل هو عدوان سافر من دولة مدججة بالأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا على مدنيين عزل، وفيهم النساء والشيوخ والأطفال؛ ولذلك كان أكثر الضحايا من الشهداء والمصابين هم من النساء والأطفال! فكيف يتم تسمية هذا العدوان بالحرب!.
المغالطة الثانية أن التحقيقات تتناول انتهاكات قام بها الجيش الإسرائيلي، وفي هذا تبرئة للسياسيين الذي أمروا الجيش بضرب غزة على رؤوس ساكنيها، وكأن الانتهاكات إنما هي خارجة عن إرادة السياسيين وعلى رأسهم رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت وإيهود باراك وتسيبي ليفني وكبيرهم الذي علمهم القتل شمعون بيريز!.
المغالطة الثالثة هي في مسمى الانتهاكات نفسه، وفي ذلك إيحاء بأن ما حصل من اعتداءات إسرائيلية تخالف القوانين الدولية إنما هو استثناء وليس القاعدة؛ ولذا سميت انتهاكات، في حين أن التاريخ يؤكد أن الاعتداء على المدنيين الأبرياء منهج منظم اعتمدته إسرائيل في تاريخها كله، فما حصل لمدنيي غزة شبيه بما حصل في بيروت والجنوب اللبناني وقانا، وصبرا وشاتيلا، ومن قبل دير ياسين. وهذه مجرد أمثلة على الجرائم الإسرائيلية وليست حصراً لها!.
والمغالطة الرابعة التي تتفرد بها المنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة حقوق الإنسان، أنها تطالب بتحقيق دولي في الانتهاكات التي قامت بها إسرائيل وحماس، بطريقة وضعت فيها الجاني والمجني عليه في قفص اتهام واحد، فإن كان هذه هي مقدمات التحقيق المطلوب فكيف ستكون النتائج ؟! بكل بساطة ستكون نتائج مزيفة!.
***