حينما يدخل الإسلامَ شخص عادي أو بسيط، فإن الفرحة تعم قلب كل مسلم ومسلمة صادقي الإيمان، وذلك من ناحية كونه حماساً للدين القويم، ومن ناحية أخرى فرحة صادقة لنجاة أخ أو أخت لنا في الإنسانية من عذاب الجحيم، ولكن حينما يمنّ الله تعالى بنعمة الإسلام الذي يشمل التوحيد والصلاح على عالم كبير وصل القمة في مجال تخصصه، فهذا شأن عظيم يستحق معه الأمر أن نفرد له صفحات وصفحات.
والسبب يعود إلى أن الأمر هنا يعني الكثير، فحينما أسلم البرفسور النفسي الفرنسي مؤخرا: (رولاند داردينيز )، شعر بالسعادة الغامرة من هم في قمة هذا البلد سياسياً وعلمياً ودينياً وفكرياً، بدءاً بخادم الحرمين الشريفين الذي هنأه على اعتناقه هذا الدين العظيم، ومروراً بعلمائنا الأفاضل الذين قابلوه بحب وتقدير، ثم نظرائه الأطباء النفسيين السعوديين والعرب في مجمع مستشفى الأمل وهم مستبشرون، وكذلك سمو الأمير سلطان بن سلمان المشرف على المؤتمر الدولي للإعاقة والتأهيل، الذي أثرت فيه دعوته إياه (بالأخ الذي سيكون همزة وصل للإسلام السمح في الغرب).
بل إن كل مسلم في كل مكان شعر بالسعادة والفخر، وأخص بلادنا السعودية، ليس لمجرد أنها رائدة العالم الإسلامي فقط، أو لأن بها كبرى مقدسات المسلمين التي اعتمر إليها هذا الطبيب النفسي الذي غيّر اسمه إلى (شريف)، بل لأن جزءاً من أهلها (المغتربين) كانوا سبب اعتناقه الإسلام، سواء كانوا رجالاً أو نساءّ، بفضل حسن تعاملهم، وقدرتهم على الإقناع القولي والفعلي، برقي خلق وعلو سمعة.
ومما يلفت في الأمر ويبشر بالخير أن أكثر شخص أثر في هذا البرفسور بالإقناع القوي الراقي - حسب تصريحه نفسه - هو تلميذته السيدة السعودية باحثة الدكتوراه، بأسباب حجابها الساتر، وأدبها الجمّ، اللذين استلفتا نظره، في عصر صارت الطهارة الخلقية الحقيقية والدعوة إليها تكادان تكونان عملة نادرة، لاسيما في البلدان التي انحدرت إلى وهْم الحرية غير المقننة بضوابط الدين والخلق.
وهذه الحادثة تستحق منّا جميعاً التوقف عندها، والاحتفاء بها، وأخذ العبر التي أرادها الله لنا منها، لأن هذا الشخص ليس شخصاً عادياً، فهو طبيب تعلم في مجال الطب الجسدي ورأى مقدار عظمة الخالق فيه، ثم تعمق في مجال التخصص النفسي والروحي، واطلع على جميع النظريات النفسية منذ عهد الفلسفة الإغريقية وأشهر فلاسفتها أمثال أرسطو وأفلاطون وسقراط، حتى نهاية النظريات النفسية المعاصرة وفي مقدمتها النظرية الفرويدية، ثم إنه عمل الأبحاث تلو الأبحاث حتى وصل لأعلى الدرجات العلمية في مجال تخصصه الحيوي.
كل هذا يجعل من هذه الحادثة مجال دعوة وتفكر، لأن هذا العالم الروحي الغربي المتثقف، رأى أن تلك الدراسات النفسية البشرية المتعددة المستفيضة، مازال ينقصها شيء في غاية الأهمية لاسيما في هذا العصر المكشوف المتلاطم بمختلف العقائد غير الموثقة وغير الموثوقة في آن واحد، فوجد ضالته في الإيمان بالله، وعقيدة توحيد الخالق، والصلاح والسكينة الروحية، فلم يتردد في اعتناق هذا الدين الشامل المحفوظ.
g.al.alshaikh12@gmail.com