الجزيرة - فهد الشملاني:
طالب عدد من صغار المستثمرين الذين تعرضوا لخسائر مالية بسبب المنافسة الحادة الجهات المختصة وعلى رأسها وزارة البلدية والقروية ووزارة التجارة والصناعة بإجراء دراسات مستفيضة لحاجة كل منطقة من النشاطات التجارية والصناعية قبل إصدار التراخيص للمستثمرين.
وأكدوا على أهمية إيجاد نظام يقنن عدد المحلات المتشابهة، وإتباع معايير تحدد المسافة بين المحل والآخر من أجل أن يكون هناك توازن بين عروض الأنشطة التجارية وطلب المستهلكين.
وأشاروا إلى أن الاستثمار بدافع التقليد والمحاكاة خلق في السوق منافسة حادة أفضت إلى تقليص أرباح بعض المحلات إلى درجة لا يستطيع معها صاحب المحل دفع إيجار المحل وأجور العمالة مما يقوده حتماً إلى الإفلاس التجاري.
وطالب المستثمرون في حديثهم ل(الجزيرة) بتطبيق شروط بعض النماذج الاستثمارية الناجحة التي تعتمد إتباع أسلوب التخطيط الجيد من خلال إجراء دراسات الجدوى الاقتصادية لفتح المحل في كل منطقة استناداً إلى حاجة المنطقة وعدد المحلات التي تعمل في المجال نفسه والكثافة السكانية في الحي قبل إعطاء الإذن بممارسة النشاط.
وبين المستثمر محمد العوض أن العمل الحر كان يراوده منذ فترة بعيدة ويفكر في فتح محل تجاري صغير على قدر استطاعته المادية بحيث لا يتجاوز مائة ألف ريال وأخيرا استقر به مطاف التفكير حول فتح تموينات غذائية في نفس الحي الذي يسكنه وقام بتجهيز المحل واستمر العمل بصورة جيدة لمدة حوالي 9 أشهر وهو يحقق عائدا مجزيا للغاية، ويضيف العوض قوله: إن أحد سكان الحي كان يسأله دائماً عن العمل في التموينات ومدى صعوبة إمدادها بالضائع بشكل يومي والعوائد المادية منها، مشيراً إلى أنه يجيب على أسئلته بأن الأمور ميسّرة وسهلة، وما أن مضت حوالي السنة حتى فتح الأخير محل تموينات غذائية مقابلة له وبدأ المحلان في تقاسم الزبائن ثم اشتدت المنافسة بين المحلين حتى تراجعت الأرباح إلى درجه أنها لا تغطي المصاريف والأجور مما اضطره إلى بيع المحل لعدم قدرته على الاستمرار على هذا الوضع.
وطالب العوض بإنشاء محلات تموينات غذائية مركزية كبيرة متعددة الأغراض يساهم فيها أبناء الحي أسوة بالجمعيات التي تطبق في بعض الدول المجاورة، مؤكداً أن هذا الأسلوب من الاستثمار يقطع حبل التجارة المثلية كما يعمل على إيجاد وظائف وطنية لأبناء الحي إضافة إلى نشر التكاتف الاجتماعي.
يرى تركي المحسن صاحب مكتبة ومركز تصوير أن فتح الباب على مصراعيه أمام المستثمرين وزج كثير من المحلات المتشابه في شارع واحد أو الشوارع المتقارب يعد أسلوباً بدائياً ولا يتناسب مع التقدم الاقتصادي الذي تعيشه المملكة، حيث إن مثل هذا النوع من الاستثمار غالباً ما ينتهي بخسارة مادية بسبب حرب الأسعار التي تنشأ في ظل المنافسة الشديدة بين المحلات.
وأوضح أن محلات القرطاسيات والمكاتب ليست بمنأى عن قضية التجارة بالمحاكاة حيث انتشرت في الآونة الخيرة عدد من المكتبات وخدمات الطالب في كل شارع بشكل ملفت للنظر، مؤكداً أنه يلحظ في الوقت الحاضر بوادر حرب أسعار في سوق خدمات الطالب بدأ في خفض أسعار تصوير الأوراق لتصل إلى 15 ورقة للريال الواحد وكذلك كراسات المدارس والأقلام.
أبدى المحسن تخوفه من استمرار هذه الظاهرة لأنها سوف تقضي على كل المتنافسين في النهاية. أما المستثمر عبدالإله المطلق الذي يعمل في محلات بيع قطع غيار السيارات فيقول: إن الدخول في الاستثمار بشكل غير مدروس قد يستنزف قدراً كبيراً من الوقت والمال، ويرى أن هناك عدة عوامل يجب اعتبارها قبل الدخول في أي مشروع وعلى المُستثمر استشارة من لديهم خبرة في هذا المجال قبل البدء. لكنه استدرك أنه على الرغم من حرص بعض المستثمرين ودراسة كل الجوانب الاستثمارية لمشروعه غير أنه يفاجئ بعد أن يبدأ النشاط بظهور عدد من المحلات التي تمارس النشاط نفسه بالقرب منه وهو أمر تخلط حسابات جدوى استثماراته الاقتصادية ويغيّر نهجه من السير على إستراتيجية ثابتة مبنية على دراسة إلى مسار الاستثمار بالطريقة العشوائية التي تعتمد حساب نسبة الدخل في كل شهر.
ويرى المطلق بأن تطبيق بعض نماذج الاستثمارات الناجحة سيعمل على نمو قطاع الاستثمارات الصغيرة واستمرارية الأنشطة التجارية والصناعية فترة طويلة، متمنيا أن يتم تطبيق نموذج محلات تبديل اسطوانات غاز المنازل الذي أثبت نجاحه بسبب اشتراط الشركة وجود مسافة كافية بين المحل والآخر قُدِرت حسب حاجة واستهلال سكان المنطقة.
على صعيد آخر، أكدت دراسة اقتصادية أن أكثر من 80 في المائة من أصحاب المنشآت الصغيرة التي تتعرض للخسارة ليست لديهم خطة عمل، كما أن أكثر من 70 في المائة من أصحاب هذه المنشآت لا يجيدون استخدام التقنية الحديثة، وأن نسبة السعوديين العاملين في هذه المنشآت هي أقل من 2 في المائة.
فيما حذر مسؤول في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض، من المخاطر التي تهدد مستقبل واستمرارية المنشآت الصغيرة في المملكة، مؤكداً أن معظم هذه المنشآت تعاني الآن أكثر من ذي قبل من مشاكل عديدة قد تعرضه للانقراض أو الخسائر المتلاحقة.
وقال: إن أبرز هذه المشاكل تتمثل في قلة التمويل الذي ساهم في توقف وتعثر أكثر من 50%، وعوائق في مجال التنظيم المالي والإداري.