Al Jazirah NewsPaper Friday  24/04/2009 G Issue 13357
الجمعة 28 ربيع الثاني 1430   العدد  13357
صدى لون
فن تحت الطلب (2-2)
محمد الخربوش

 

حالت ظروف الحيز أو المساحة التي تشغلها زاويتي دون إيصال الموضوع الذي تحدثت عنه الأسبوع الماضي إلى القارئ العزيز بشكل كامل، بل إنه وللظروف إياها فقد جاء وكأنه ناقصاً أو بعيداً كل البُعد عن عنوانه، وكان محور الحديث عن الفن المفاهيمي وهيمنته في الفترة الأخيرة على كل المشاهد الفنية سواء ما طرح بوعي أو بغير ذلك، وكنت قد أشرت إلى اندفاع وهرولة العديد من التشكيليين العرب بشكل عام والبعض من التشكيليين السعوديين خلف هذا القادم الجديد، وأنا لست هنا في مجال التقليل أو الانتقاص لهذا النوع من الأسلوب الفني أو مطالبة التشكيليين بعدم طرق هذا الأسلوب الذي وكما قلت أنه جاء متزامناً ومنسجماً مع كل التحولات الحياتية المختلفة، هذه التحولات التي ربما ألقى البعض منها بظلاله على بعض من الثوابت والمسلَّمات الخاصة بالشعوب؛ ما أدى بدوره إلى انسلاخ بعض المجتمعات عن بيئاتها سواء في الملبس أو المشرب أو السلوكيات وحتى التعاطي مع مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وغيرها، وهذا بلا شك جاء نتيجة حتمية لهذا الانفتاح الفضائي الرهيب الذي أدى بدوره إلى أن تتلاقح الثقافات والمعطيات البشرية مع بعضها البعض، بل إن بعضاً من هذه الثقافات الوافدة ربما هيمنت على ثقافة مجتمع بأكمله؛ ما أدى بهذا المجتمع إلى أن ينسلخ كما أسلفت من موروثاته ومعطياته المختلفة والدخول تحت عباءة الغير. أعود للفن المفاهيمي الذي تنامى حضوره مؤخراً بشكل كبير حتى أنه أصبح هدفاً للغالبية من التشكيليين وأصبحنا نقرأ ونسمع عن مشاركات سعودية في العديد من المناشط التي تولي هذا الفن جُلّ اهتمامها كما في دبي آرت وبينالي الشارقة وغيرهما، وهذا أيضاً مؤشر جميل، وهو خطوة جيدة في مجال التجربة والاحتكاك مع الآخر، لكن الشيء الذي لا يزال غامضاً هو أن معظم الفعاليات والمعارض التي تقام لهذا النوع من الفن تتم برعاية مؤسسات دولية خاصة تروج لهذا المسار وتدعو له وفق قناعات يحكمها عادة (المال)، بمعنى آخر أن معظم هذه المؤسسات ذات مسعى ربحي بالدرجة الأولى، وهي بذلك قد صنفت نشاطها في هذا الجانب من خلال (البزنس)، ومن هنا فإن مشاركات التشكيليين مع هذا النوع من المؤسسات يبدو مقنناً ومحدداً بشكل مسبق سواء في مجال الأهداف أو الربحية، حتى أن بعضا من هذه الشركات تتدخل في أدق التفاصيل للمنجز نفسه وبالتالي أصبح الفنان ينتج ما يريد هؤلاء، أي أنه ينتج حسب الطلب، وهذا مرده في تصوري إلى أن الشركة الراعية مدركة مسبقاً رغبة (المتلقي المقتني)، وهذا هو المهم، ومن هنا فإن تدخل الشركة أو توجيه نتاج الفنان نحو مسارات وخطوط معينة جاء وفق هذه المنظومة، وبالتالي فإن الوضع يبدو غير مهضوم على الأقل في الوقت الحاضر خاصة إذا ما علمنا أن الفنان ربما ينجرف خلف رغبات التسويق وبالتالي قد يخرج عن بصمته وثقافته؛ الأمر الذي يفقد المنتج هويته وربما أصالته.. لكننا لن نستبق الحدث فالزمن كفيل بإيضاح ذلك مستقبلاً وتقديمه والإحاطة بكل معطياته أياً كانت.



Sada_art@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد