Al Jazirah NewsPaper Friday  24/04/2009 G Issue 13357
الجمعة 28 ربيع الثاني 1430   العدد  13357
لماذا مدة الحملة الوطنية لحماية البيئة خمس سنوات؟!
د. عبدالملك بن عبدالله زيد الخيال

 

لقد نشرت العديد من المقالات تحدثت فيها بإسهاب عن البيئة السعودية وطرق المحافظة عليها، ومنها ما نشر حديثاً مثل مقال بعنوان (دور وزارة التربية والتعليم في غرس الوعي البيئي في نفوس الطلاب) الذي نشر بجريدة الجزيرة بتاريخ 20-5-2008، ذكرت فيه أن اليد الواحدة لاتصفق

....وأن على بعض الجهات واجباً وطنياً نحو جعل بلادنا جميلة، ومن تلك الجهات وزارة التربية والتعليم التي من واجبها غرس مفهوم نظافة بيئة المملكة في عقول الطلاب. وعلى الوزارة أن تمد يد العون للدولة وتساعدها بأن تجعل بلادنا أجمل البلاد وأنظفها، حسب تعاليمنا الإسلامية، وأقواها تحترم عالمياً لا من أجل نفطنا فقط وإنما من أجل تكاتفنا وحبنا وغيرتنا وحفاظنا على وطننا بتجنب كل ما يكدر العيش فيه. وتذكروا يا رجال التعليم أن المسؤولية الحقيقية لكل مسؤول نحو وطنه هي إيجاد القرارات المناسبة لحل ما يواجهنا من تحديات، وكذلك أن يترك بصمات لأعمال عظيمة تشكره عليها الأجيال القادمة. لا أن يكون حديث المجالس بأنه روتيني غير خلاق لم يفعل شيئاً لهذا البلد المعطاء. هذه هي المسؤولية الحقيقية لأي مسؤول. كما ذكرت عدة اقتراحات يجب على الوزارة القيام بها.

كما ذكرت أن زرع مفهوم نظافة البيئة والمجتمع في نفوس الطلاب، هي أهم نقطة لتحضر الشعوب، وقد لا نتصور حجم ما سنوفره في المستقبل من جهود وأموال تقدر بالبلايين، نتيجة الوعي البيئي لأن أطفال اليوم هم شباب الغد وهم آباء المستقبل وبعضهم سيصبح مسؤولاً في بلادنا.

لذلك ولتحسين صورتنا أمام الآخرين ولنحافظ على نظافة بلادنا وعدم خدش كرامتنا، ووصفنا بأننا غير متحضرين، علينا أن نحرص على نظافة صحاري وبراري ووديان بلادنا الحبيبة. وغرس مفهوم البيئة وحب الوطن لدى جميع طلابنا. كما أن المواطنة الحقيقية لأي مسؤول ومواطن هي مجموعة الأعمال التي يقوم بها نحو تقدم الوطن ومنها المحافظة على بيئته مما قد يؤثر في مسيرته نحو الرقي والتقدم.

لا أريد أن يقول أحد بعد اليوم ان السعوديين غير متحضرين لأن وديان المملكة وبراريها من أقذر الوديان والبراري في الجزيرة العربية، وأن أغلب من يرتاد الصحراء والبراري من السعوديين والوافدين غير متحضرين لأنهم يتركون مخلفاتهم في المكان الذي يخيمون فيه.

كما نشرت مقالاً بعنوان (وطننا.. هو حياتنا) بتاريخ 28-5-2008م، بجريدة الجزيرة أيضاً، ذكرت فيه أن من منطق أن اليد الواحدة لا تصفق، وبما أن هناك رجالاً يخدمون بلادنا تملأ جوانحهم عزيمة صادقة وتدفعهم إرادة قوية، وتحركهم الثقة المطلقة التي وضعها فيهم قادة هذه البلاد، من هؤلاء صاحب المعالي وزير التربية والتعليم وصاحب السمو الأمير تركي بن ناصر رئيس الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة الذين أذكرهم بأن حضارة الأمم تُقاس وتعتمد على العقل البشري والعطاء الإنساني، وأن مسؤوليتنا مشتركة تجاه الكوكب الذي نعيش فيه وكذلك وطننا الذي نريده أكثر نظافةً والهواء فيه أكثر نقاءً والمياه نظيفة وغير مهدرة، ولهؤلاء الرجال أرفع هذا السؤال: هل يرضيكم بأن يُطلق علينا شعب غير متحضر؟

ومن منطلق غرس حب الوطن عند الناشئة وترسيخ مفهوم الانتماء البيئي والوطني، وأن المواطن جزء منه يؤثر ويتأثر به، ومن أجل رفع مستوى الوعي البيئي من أجل المحافظة على البيئة الطبيعية ومواردها الحية، ومن واقع ضرورة تفعيل المشاركة الفاعلة لجميع الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة. كما طرحت السؤال الآتي: هل يمكن أن يكون هناك تعاون وتنسيق على مقياس كبير بينكم من أجل الوطن؟ لرفع الوعي بقضايا البيئة، وخصوصاً برفع وعي أهم شريحة في المجتمع وهم الأطفال من طلبة وطالبات، وذلك بإقامة حملة مستمرة وأكرر حملة مستمرة في المملكة العربية السعودية باسم (وطننا.. هو حياتنا) للتربية البيئية، وفيه يتم تذكير الأطفال بأنه لا بد أن نحب بيئتنا حتى نغير حياتنا إلى الأفضل، والتي ستهدف إلى رفع وعي الأطفال وأولياء الأمور والمواطنين عامة بالقضايا البيئية ذات الأولوية للمملكة مثل: التشريعات والقوانين البيئية وصناعة القرار، وظاهرة تغير المناخ العالمي (الاحتباس الحراري)، وإدارة الموارد المائية وأمن المياه، وإدارة المخلفات الصلبة، وتقدير قيمة البيئة مع التركيز على دور التربية البيئية في التنمية المستدامة، التنوع الإحيائي، المراعي والغابات، الحياة الفطرية، الكائنات الدخيلة (الغازية)، أمن الهواء، جودة التربة، الطاقة الأحفورية والطاقات البديلة، الزراعة والغذاء، الصحة العامة، صحة البيئة، النمو السكاني، التصحر وآثاره، التلوث وآثاره، إدارة النفايات الخطرة، المخاطر البيئية.

كما يجب أن تتضمن الحملة إقامة أنشطة عملية وفنية موجهة للأطفال في المدارس السعودية بجانب تنظيم معارض مفتوحة في كل مدرسة للمنتجات صديقة البيئة التي يمكن أن تعرض فيها مختلف النشاطات في مجال المحافظة على البيئة.

وذكرت أيضاً أننا سنجد أن من سيساعد في إصلاح حال السعودية هم أطفال السعودية لأنهم الرصيد المضمون للسعودية في بنك المستقبل.

وتقام ورش عمل في كل مدينة وقرية سعودية عنوانها (التربية البيئية: تحد ومسؤولية الجميع) يحضرها جميع الأطراف المعنية بقضية التربية البيئية في السعودية بهدف اكتشاف أرضية أهداف مشتركة وتطوير خطط عمل تعاونية.

أخيراً أقول أرجو أن يكون صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر رئيس الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة يحلمان معي بالعيش في بيئة سعودية يفتخر بها الجميع، كما أرجو ألا يكون ما قاله لي أحد الأشخاص من أن التعاون بين الجهات الحكومية معدوم، لأني أعرف أن هناك جهوداً تُبذل من أجل إدراج مادة التربية البيئية ضمن المناهج التعليمية بهدف توعية الجيل الناشئ بأهمية البيئة والحفاظ عليها.

كما نشرتُ مقالاً بعنوان (وطن بلا نفايات.. والنظافة من الإيمان) بتاريخ 22-6-2008 في جريدة الجزيرة أيضاً، ذكرت فيه أنه من منطلق أن يقوم كل منا بواجبه حتى يتحقق الهدف، أرجو رجاء من القلب إلى قلوب الجميع، خصوصاً أصحاب السمو أمراء المناطق، ومحافظي المقاطعات، وأمراء المدن والقرى والمراكز في المملكة العربية السعودية بأن يقوموا بحملة وطنية تحت شعار (وطن بلا نفايات)، وذلك بعمل برامج لتنظيف الفياض والروضات وعلى جوانب الطرق وإشراك كل جهة حكومية، من فروع للوزارات أو مدارس أو جامعات، أو شركات، أو مصانع، وكل مواطن في كل إمارة لأن من يلوث وطننا هم المواطنون والوافدون في كل إمارة، ولذلك عليهم المساعدة في تنظيف وطننا.

وفي العاشر من شهر مارس 2009م شعرت بفرحة كبيرة عندما دشن وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود انطلاق المشروع الوطني لحماية البيئة الذي يستمر خمس سنوات وذلك في جميع مناطق المملكة ومحافظاتها. ويخدم أهدافاً نبيلة تخدم البيئة والإنسانية. وتنفذه جمعية كشافة المملكة العربية السعودية ويشارك فيه 11000 كشاف وقائد يمثلون جميع مناطق المملكة ومحافظاتها. مع العلم بأن المشروع يتم إنجازه عن طريق عددٍ كبيرٍ من الشراكات مع وزارة التربية والتعليم، منها وزارة التعليم العالي، المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، وزارة الدفاع والطيران، الرئاسة العامة لرعاية الشباب، الهيئة الملكية بالجبيل وينبع، فرع وزارة الشؤون الاجتماعية، رواد وأصدقاء الكشافة، وزارة الصحة (مدينة الملك فهد الطبية)، البلديات، الأمن العام، الرئاسة العامة للأرصاد الجوية وحماية البيئة، الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، وزارة الإعلام، وزارة الصحة، مؤسسات القطاع الخاص. ومع قصر مدة المشروع إلا أنه يعد أكبر مشروع بيئي ينفذ على مستوى العالم.

وما يجب معرفته أن الرؤية للمشروع الوطني لحماية البيئة أن تصبح المحافظة على البيئة سمة مميزة للمجتمع السعودي، كما أن رسالة المشروع هو ترجمة مبادئ وقيم المحافظة على البيئة إلى سلوك وممارسة عملية.

مع العلم بأن القيم الرئيسة للمشروع هي الانتماء الوطني والمسؤولية والمبادرة الإيجابية والتعاون ومحبة الآخرين، كما أن الهدف العام من المشروع هو تنمية مسؤولية المجتمع لحماية البيئة في المملكة العربية السعودية من خلال الممارسة العملية، وأن شعار البرنامج (من أجل بيئة أفضل)، وأهداف البرنامج هي تعزيز قيم المحافظة على البيئة الوطنية لدى المجتمع من خلال الممارسة العملية، وتفعيل الأنشطة الكشفية في مجال البيئة وحمايتها، تقديم نماذج عملية لإجراءات المحافظة على البيئة، والإسهام في حماية البيئة ونظافتها، وإبراز دور الكشافة نحو المحافظة على البيئة وتنميتها. أما مكان تنفيذ المشروع فهو جميع مناطق المملكة ومحافظاتها. أما تاريخ انطلاق المشروع فكان من 13-16-3-1430هـ الموافق 10-13-3-2009م ومدة تنفيذ المشروع (5) سنوات.

وأبرز الفعاليات ستكون حفل افتتاح برعاية أحد المسؤولين في كل منطقة ومشاركة مسؤولي الجهات الحكومية الأهلية والخاصة منها ذات العلاقة بالبيئة، وتوزيع ملصقات ومطويات توعوية، وتوزيع أدوات حماية البيئة ونظافتها، تنظيف المواقع العامة وخصوصاً المنتزهات البرية والساحلية بمشاركة الجمهور، ومسابقات للتحفيز والإنجاز في جمع النفايات بين الوحدات الكشفية، وممارسة أنشطة التربية البيئية (في المناهج الكشفية)، وتفعيل متطلبات الحصول على شارات الهواية في مجال البيئة، ومنح شارات وأوسمة الخدمة العامة، ومسابقات أطفال في الرسم والتلوين، ومسابقات ثقافية عامة للجمهور.

وأعجبني في حفل انطلاق المشروع الوطني لحماية البيئة في اليوم العاشر من مارس في روضة الخفس على بعد 70 كيلومتراً من العاصمة الرياض، ما قاله سمو الوزير من أنه يجب أن نهتم بالبيئة ونزرع هذا الأمر في نفوس الناشئة من شباب وشابات هذا الوطن، لأن النظافة من الإيمان، وهو من أساسيات تعاليم ديننا الحنيف، ولا نستغرب هذا الاهتمام أن يكون من مجتمع أساسه ودعوته إلى نظافة القلب والفكر ونظافة البيئة المحيطة به. كما أعجبني أيضاً مطالبته لأبنائه منسوبي الكشافة بإيصال الدعوة إلى نظافة البيئة والاهتمام بها إلى مجتمعاتهم وأن يكون الاهتمام بالبيئة طوال العام، كما قال: كل واحد منكم رسول إلى مجتمعه ليبلغ أهله رسالة الحفاظ على البيئة حتى تنتشر هذه الفكرة بشكل أوسع.

نعم نريد أن تنتشر الفكرة بشكل أوسع، وأوسع وتصبح في عقولنا جميعاً من أطفال وشباب ورجال ونساء.

وللمعلومية، وليس للحصر، فهل تصدقون أن ما جمع من مخلفات البشر في ثلاثة أيام على مساحة عشرة كيلومترات مربعة فقط بروضة الخفس بلغت أكثر من 24000 كيلو من المخلفات الضارة بالبيئة. وفي منطقة نجران فقامت حملة توعية داخل منتزه الملك فهد بغابة سقام، هذا بجانب فعاليات مناطق كثيرة منها المجمعة وحفر الباطن وتمير والجوف وتبوك وغيرها.

ومع تلك الجهود الجبارة، ما زلت أقول إنني غير راضٍ، عن مدة المشروع وأنكم (بخلاء... بخلاء... خمس سنين فقط؟؟.... لماذا لا يستمر المشروع لأكثر من ذلك، ولنقل مثلاً للخمسين أو مئة سنة أو أكثر، أنتم ناسين أن المملكة وبيئتها باقية إلى ما شاء الله). ولا تنسوا أن المجتمع دائماً في حاجة إلى مثل تلك البرامج والمشاريع دون توقف أو مدة زمنية.

وأخيراً أقول من قلبي، شكراً للكشافة السعودية والقائمين عليها وعلى رأسهم سمو الوزير والمتعاونون معهم على تنفيذ المشروع الوطني لحماية البيئة. وإن شاء الله يأتي اليوم الذي أرى فيه المملكة تُضرب بها المثل في نظافة بيئتها.



aazk09@gmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد