في عام 1396هـ قدم الشيخ عثمان الشعلان (رحمه الله) رسالة لمدير إذاعة الرياض يعرض فيها مقترحه لبرنامج جديد من إعداده بعنوان (وما جعل عليكم في الدين من حرج) ذلك أنه موضوع يهم كل مسلم وفيه تأليف للقلوب وباعث قوي على سعة الرجاء في رحمة الله.
كان إحساس الشيخ الشعلان قوياً بالحاجة الملحة لخطاب ديني جديد يوازن الخطاب التقليدي السائد حوله القائم على الترهيب والتخويف والتحذير. لقد كان الشيخ الشعلان بتسامحه ومنهجه الوسطي سابقاً لزمانه بفترة طويلة.. وفي الكتاب الذي صدر مؤخراً بعنوان (هذا هو الإسلام).
قالت الدكتورة لطيفة الشعلان: حين توفي في 8 شوال من عام 1404هـ لم يترك خلفه من حطام الدنيا سوى بيته المتواضع وراتبه التقاعدي..
لقد كان مثالاً حقيقياً للورع ونظافة اليد، ما تزلف لأحد قط، وما تكسب بدينه أو علمه.
أما العزوف عن الصدارة أو الظهور الذي كان خصيصة مركوزة في طبيعته الزاهدة المنصرفة للعلم، فإن كان ساعده على ضمان استقلاليته وتمثيل ذاته وحسب كصوت وسطي هادئ فإنه أسهم فيما بعد في ندرة المعلومات المسجلة المتاحة عنه.. فهو لم يجر طوال مسيرته سوى حوار واحد لصحيفة (المسائية) جاء في ثلاث حلقات قصيرة عنوانها: (المسائية) تلتقي مع أول مدرس ابتدائي في مدينة القصب.
ونقتطف من الكتاب قول الشيخ الشعلان:
هناك من اشتغلوا بعيوب الناس ونسوا عيوب أنفسهم، الحلال لديهم ما أدركوا، والحرام عندهم ما عجزوا عن تحصله، يعدون النميمة أرقى نصيحة والغيبة ألذ فاكهة، والمراء جرأة، والتطاول على المستضعفين فخراً ومكرمة، والكبر شرفاً وعلو منزلة، وقول الزور فصاحة وبياناً وقوة في التعبير، والاستهزاء والسخرية عمد لا يرضى بعملهم ثقافة وتطوراً وحضارة، لا يجدون وازعاً من ضمير، ولا خوفاً من العلي الكبير، ولا حياء من الكرام الكاتبين، وإن نصحهم من يحب الخير لهم فما أقل استجابتهم، وأن هو بالغ في النصح شفقة عليهم، وأورد لهم الأدلة العقلية والنقلية على سوء فعلتهم جادلوا بالباطل ليدحضوا الحق.
فكن عن عثرات لسانك على حذر، فإن الله تعالى يقول: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}(114) سورة النساء.
وتحت عنوان (رحمته أوسع من خطايا عباده) أورد الشيخ الشعلان حديثاً عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول فيه إنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: قال تعالى: (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بتراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة).
يقول الشيخ الشعلان: في هذا الخبر الشريف بشارة عظيمة وحلم وكرم من الله تعالى لعباده الموحدين، حيث أسبل عليهم ثياب ستره وعفوه وغفرانه، وتكفل لهم بإجابة دعائهم، وتحقيق رجائهم، وإن كثرت ذنوبهم، لأن رحمة الله قد وسعت كل شيء، فهي أوسع من ذنوب الخلق وإن ملأت جانبي السماء والأرض فإنه سبحانه يغفر الذنوب جميعاً، وهو جل ذكره أفرح بتوبة عبده من أحدنا بضالته لو وجدها.