إليك عزاءنا يا صاحب القلب الكبير.. يا من مسحت أدمعاً.. وأطعمت أفواهاً.. وفرّجت كرباً.. فكان مركزك كوكيل لوزارة العمل رحمةً لكثيرٍ من الناس؛ فنلت دعاء الأرامل واليتامى والمساكين.. فأصبح اسمك على كثيرٍ من الألسن.. وصورتك محببةً لكثيرٍ من الناس.. فإذا أحب الله عبداً حبب الناس إليه. منذ أكثر من ثلاثين عاماً حضرنا زفاف ابنتيك بمنزلك بحي الروضة، وكنا نفترش الأرض المجاورة التي أصبحت فيما بعد مسجد عمر بن عبدالعزيز الذي ساهمتم فيه بالنصيب الأكبر.. وكان والدك الكريم يتوسط المدعوين ويسأل كل واحدٍ عن حياته، ويومها كان باستطاعتك عمل هذا الفرح بأرقى الفنادق.. ولكن التواضع وعدم التعالي على الآخرين حدا بك إلى ذلك.
واليوم تنتقل إحدى بناتك إلى بارئها شهيدةً بإذن الله وأنت صابر محتسب لك الأجر والثواب من عنده تعالى..{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ, وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}
وأنه لمن أصعب الأيام أن تفارق من تحب، ولكن كما يقول رب العزة والجلال {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (155) سورة البقرة.
بالأمس كنت أعزيكم في وفاة المرحومة أم خالد وأصر الشيخ صالح المالك والشيخ منصور أن أجلس بجانبكم، وهكذا علمكم حمد المالك رحمة الله عليه احترام الآخرين وتقديرهم، ومن هذه المعاملة الكريمة والأخلاق العالية أن يبادلكم الناس الحب والاحترام والتقدير، وإن ما يصيبكم من ألمٍ يصيبنا وما يصيبكم من فرح يصيبنا أيضاً، وهكذا يكون التقدير بالتقدير والحب بالحب، فنحن نفرح لفرحكم ونحزن لحزنكم ونبادلكم السراء والضراء.. وأسأل الله ألا يريكم مكروهاً في عزيز لديكم، وأن يرحم ابنتكم ويسكنها فسيح جناته وينزل عليها شآبيب والغفران. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.