Al Jazirah NewsPaper Thursday  23/04/2009 G Issue 13356
الخميس 27 ربيع الثاني 1430   العدد  13356

الخادمة لا تشترى
هدى ناصر الفريح

 

يكاد لا يخلو منزل من خادمة والطريق يمضي إلى أكثر من خادمة، فالكثيرون يؤمنون باستحالة المعيشة بلا خادمة! وليست المشكلة هنا فلكل ظروفه ولكل احتياجاته ورؤيته وقدراته أيضاً، لكن أن يستقدم البعض الخادمات لأجل التجارة فتلك الفاجعة التي انتشرت ويمارسها الكثيرون في غياب إنسانيتهم مقابل دراهم بخسة مسلوبة، يقولون تكلفنا لأجل استقدامها ونريد أن نكسب ونعوض، فيا للطمع من مسوغات وتبريرات، وتبجح! بل واستغلال لظروف البعض التي تجبرهم لأجل أن (يشتروها) حتى الكلمة بيع وشراء بكل براءة تقال وهي في حقيقة عبدالله خواء، في إحدى برامج الافتاء الرائعة اتصلت إحدى من تنتمي لتلك الشراكة مستفسرة هل يجوز أن أشتري الخادمة..! فقضى المذيع لحظات وهو يفهمها أن الخادمة لا تشترى بل الفيزا.. الخ فجزاه الله خيرا، يعيب الكثيرون تنازلهم عن المبادئ وإراقتهم للقوانين التي وضعت في المقام الأول لأجلهم في سبيل حصولهم على ما يريدون بأسرع وقت وأقل جهد وإن كان كل تلك المتاجرة تنتهي بهروب الخادمة أو بمصائب أكبر، تتناقلها الألسن وتحكي في المجالس الواحدة تلو الأخرى ولكن ما من أذن تعي ولا عقل يتدبر ولا يد تغير وتبادر بالإبلاغ عن ممن يتاجرون بالأرواح، وإن كان من أهم ما يؤسف له أنها في قيمة الإنسانية وجه آخر لعبودية البشر فمن تغربت عن وطنها وأسرتها لأجل أن تعيش كريمة تجد أنها تذل وتخدع بلا رأي وحق! فالكثيرون ممن يمارسون هذه التجارة الدنيئة قفزوا بالأسعار أيضاً بل تعقد الصفقات والعروض قابلة للمزايدة وليس لها نصيب، والأغلب يعترفون أنهم لم يستشيروا صاحبة الشأن بحجة أنها لن ترفض وستفضل ذلك عن العودة لوطنها!

يا أعدل الناس إلا في معاملتي

فيك الخصام وأنت الخصم والحكم

ومما يسيء جدا أن يتطور الأمر إلى أكثر من ذلك وتأتيك رسالة جوال نصها الآتي: (لو ترغبين بالتنازل عن خادمتك نحن نقدم أفضل الأسعار ت:.... ج:....! أي تجارة كاملة قائمة على تجارة البشر بطريقة غير مباشرة وسبل ملتوية. حينما يغيب الوعي عن فرد ما يضيع المجتمع بأكمله فهذا يُحدث ذاك فيُحدث هؤلاء.. ويفيق المجتمع على جرائم قتل وتعذيب وسرقات وسحر.. والخ فالظلم له بركان يثور فجأة ويعمي العقول والأبصار، ولا ننفي وجود فئة تعامل بالحسنى ومع هذا تفعل الفجائع وتنكر الروائع لكن البشر ليسوا يحاكمون بفعل واحد منهم فلم نحاكمهم لفعل فرد منهم ونعاملهم على سبيل الجاهلية الأولى. فلنرأف بوعي تام حقيقة الأمر وندرك عواقب الأمور فمن يدري بأي حال غدا سيكون.

- البكيرية


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد