إن الصحافة هي الرئة التي تتنفس هموم الأمة من خلالها خصوصاً إذا كانت تسير في ظل أخلاقيات شرف المهنة الصحفية وهو ليس بالضرورة أن يكون مكتوباً أو معلناً أمام الملأ لأن هذا شيء بديهي يفترض أن يلتزم به كل منتسب للعمل الصحفي باعتباره يؤدي رسالة وأمانة عظيمة، فالاحتراف الصحفي لا يمكن أن يتطور ويتقدم إلا من خلالها.. فنكران الذات ونقل الحقائق بدون إملاءات هو مطلب ويصب في النضج الصحفي المطلوب وهذا ما ينتظره القارئ بلهف ويثمِّنه له لأنه يُعبِّر عن همومه وتطلعاته.. أما إذا كان خلاف ذلك فيعتبر من العبث وكثيراً ما نشاهد بعض الكُتَّاب الصحفيين في العالم العربي يسلكون هذا النهج من خلال كتاباتهم التي تفتقد للمصداقية والموضوعية.. كل ذلك في سبيل تسجيل مواقف لهم على حساب القارئ العربي فعنصر الإثارة في كتابة المقال ونقل الخبر لم يوظف بالمشكل المطلوب لأنها تفتقد للأمانة الصحفية التي تتطلب الدقة في ذلك فنظرة إلى الكثير من الصحف العربية التي مكَّنت هؤلاء من الكتابة بل البعض منهم اعتلى أماكن مؤثرة في الصحف وصاروا مؤثرين في سير دفة هذه الصحيفة مما جعلهم من المرجفين الذين ينشرون الفتنة والفرقة بين أبناء الأمة الواحدة، فالقاسم المشترك والحد الأدنى الذي يجب أن تكون فيه الماة الصحفية حاضرة فيه يكاد يكون مفقوداً فلا تجد سوى التجريح والنيل من هذا وذاك حسب ما يمليه عليه ضميره أو ما يُملى عليه لأنه أداة لذاته ولغيره من أصحاب الأغراض ويتوقع أن نهجه لهذه الطريقة سوف يلقى قبولاً من القارئ العربي بل بالعكس سوف يجد السخرية وأحياناً المقاطعة للجريدة التي يكتب فيها وهذا ما نشاهده الآن عند القارئ العربي فعندما يعرف أن صحيفة ما هبطت بأخلاقيات العمل الصحفي يعزف عن قراءاتها لأن هذه الصحيفة تفتقد للنضج المطلوب منها فرئيس التحرير له دور مهم في الارتقاء في العمل الصحفي باعتباره هو المسؤول الأول فيما يكتب في الجريدة وهذا لا يعني أن نكمم أفواه أقلام من يقولون كلمتهم ووجهة نظرهم لأن الصحافة مرتع خصب في تصحيح من لديه لوثة فكرية كتبها على شكل مقالة فتجد من يتصدى لها وينتقدها من القراء وتكون سبباً في الإثراء المعلوماتي للكاتب وللقارئ.. وكثير من الصحفيين يتراجع عن رأيه للردود القيمة عليه من القراء والتي كان يجهلها عند كتابته هذه المقالة.. أيضاً لا نطالب رئيس التحرير بعدم طرح قضايا هي محل أخذ وجدل بين أبناء الأمة، بل بالعكس قد يكون طرحها أمام القارئ فرصة لإعطائها الكثير من الاهتمام من قبل المتخصصين والمهتمين بهذه القضية ليقولوا كلمتهم باعتبار أن القارئ اليوم لديه النضج لمعرفة الصح من الخطأ وقد تدفع بفريق آخر أن تكون هذه المقالة موضوعاً لأطروحة علمية تستند إلى تأصيل علمي مفيد.. وهذا يُعتبر من متطلبات ما يهدف إليه في تحقيق النضج الصحفي المطلوب.. والله من وراء القصد.
مكتب التربية العربي لدول الخليج