أحسب أن إقرار مادة الثقافة المرورية سوف تسهم وتقضي على ظاهرة الحوادث المرورية التي تزايدت في الآونة الأخيرة حيث باتت تشكل هاجساً خطيراً وأصبح ضحاياها كثيرين، وكم يحتاج شبابنا إلى المزيد من التوعية لتنشيط المسؤولية الشخصية لديه ليدرك أن قيادة السيارة أخلاق وسلوك، ليست عملاً عشوائياً بل هي نظام وأدب وأخلاق بل منظومة إنسانية وأخلاقية وحضارية وسلوكية.. لقد أكرم الله بلادنا بخيرات كثيرة ننهل منها ونسعد بثمراتها، وما كان ذلك إلا بتوفيق الله ثم بالجهود المخلصة، ولقد قطعنا شوطاً كبيراً في الوعي والرقي والحضارة والعلم وينبغي أن ينعكس ذلك على سلوكنا وتعاملنا وقيادتنا للسيارة وأن السؤال يرد على الذهن كثيراً لماذا هذا التسابق والعناد والمكابرة والتمرد على أنظمة وقواعد السير ومضاعفة السرعة من قبل البعض ممن نزعت الرحمة من قلوب أكثرهم والأخلاق من نفوسهم ولماذا لا نكف عن تسليم هؤلاء المراهقين والأحداث سيارات يلعبون بها تزيدهم غروراً واستهتاراً يجوبون بها الشوارع كيفما اتفق وأصبحت وبالاً عليهم وهو يدل على عدم وعي مروري ولابد من تثقيف الشباب مرورياً وتقرير مادة إجبارية اسمها الثقافية المرورية.
لقد رزقنا الله نعمة العقل والخلق فيجب ألا تتغلب عواطفنا على عقولنا، وألا تتغلب نزواتنا على أخلاقنا، لقد أصبحت حوادث السير تجر أشكالاً وألواناً من الحوادث المؤلمة وللأسف لا ننتبه كثيراً ولا نتعظ بل نتأثر وقت الحادث ثم ننسى بعد ذلك.
فكم من سرعة وتهور واختراق إشارة المرور وهي حمراء عقبت حزناً وألماً وحسرة وأسفاً.. فما الداعي للعصبية والتباهي، ولماذا نطلق العنان لبوق السيارة في أوقات الراحة والهدوء لمناداة صديق أو سواه لماذا الإزعاج للآخرين وفيهم المريض والطفل والشيخ الكبير نحرمهم من السكون وننغص عليهم هدوءهم وراحتهم في سكون الليل العميق.
رحم الله أسلافنا فقد أفرد صاحب كتاب (العقد الفريد) فصلاً أسماه أخبار الممرورين والمجانين وكذا النيسابوري ألف كتاباً أسماه (عقلاء المجانين) ترجم فيه لعدد من الناس ولو كان موجوداً معنا في اليوم لألف كتاباً آخر باسم (مجانين السيارات ومرضى النفوس) فلنكن أخي قدوة حسنة لغيرنا في احترام قواعد السير ولنحرص على فضيلة الخلق والأدب والذوق والمروءة وأن نبتعد عن الصفات الخُلقية السيئة التي تسلب قوة السيطرة على النفس، ولعل مادة الثقافة المرورية إذا أسندت إلى أساتذة مختصين في علم النفس والاجتماع وهم كثر اليوم إلى جانب الإحصائيات عن الحوادث المرورية وضحاياها وأضرارها.
إن إقرار هذه المادة وإبرازها بالشكل اللائق سوف تقضي بإذن الله على ظاهرة الحوادث المخيفة التي نراها اليوم، حقق الله الآمال.