عندما يؤكد سمو الأمير نايف أن تنشئة أبنائنا وبناتنا على حفظ سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وارتباطهم بها، سيكفلان حمايتهم من مزالق الهوى، وانحراف الأفكار؛ فهو إنما يؤكد على جملة حقائق، لعل من أهمها: ضرورة الحفاظ على المكونات الثقافية الأصلية في مواجهة التيارات الثقافية الوافدة والمشبوهة، عبر القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية، من خلال إقامة مثل هذه المسابقات، التي تمثل نقلة نوعية - ولا شك - في تقديم الجهد الفكري والسلوكي في معركتنا ضد الإرهاب، الذي يتطلب منا قوة عقدية، وركائز ثابتة، تأخذنا إلى بر الأمان، وشاطئ النجاة، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإن إيصال رسالة الإسلام السمحة إلى العالم، ورؤيته المتزنة في التعامل والتحاور مع الآخر، وجعله مطية للاعتدال والوسطية وفقه التسامح، بعيدا كل البُعد عن التطرف والغلو، وعن كل ما يخدش رونقه وصفاءه، كل ذلك من خلال اعتزازنا بسنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وربط الناس بها، والدعوة إليها؛ فالإسلام هو دين الاعتدال والوسطية.
وتبدو الصورة مشرقة عندما نلفت الناشئة إلى أهمية التلقي من الكتاب والسنة، باعتبارهما مصدر التشريع الإسلامي، وحث الناشئة على الاقتداء والتأسي بهدي نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - عن طريق حفظ السنة، واستنباط مكنون دررها ومذخور كنوزها، وما اشتملت عليه من قواعد كلية وأحكام فرعية، فهي مطالب مهمة ولا شك. هذه السنة التي وصفها - يوما ما - أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ - أحد أعلام البيان العربي وأئمته المشاهير - حين قال: (هو الكلام الذي قل عدد حروفه، وكثر عدد معانيه، وجل عن الصنعة، ونزه عن التكلف). وكان كما قال الله - تبارك وتعالى - قل يا محمد: (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ).. ثم لم يسمع الناس بكلام قط أعم نفعا، ولا أقصد لفظا، ولا أعدل وزنا، ولا أجمل مذهبا، ولا أكرم مطلبا، ولا أحسن موقعا، ولا أسهل مخرجا، ولا أفصح معنى، ولا أبين فحوى من كلامه صلى الله عليه وسلم.
لقد قيل مرارا: إن تحصين الشباب بحفظ السنة والعمل بها، ووقايتهم من أسباب الانحراف في المجالين الفكري والسلوكي ومعالجتهم، وتعزيز المسؤولية الفردية في المحافظة على أمن الوطن ومدخراته ومكتسباته، وبيان حقوق ولاة الأمر والعلماء، وأهمية الرجوع إليهم، يولد لدى الناشئة ثروة علمية وملكة فقهية، تحملهم على الاقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأقواله وأفعاله، كما أنها توثق الصلة بمصدري التشريع الإسلامي، وإشاعة الرحمة والوئام والمحبة والسلام، وستعمق الولاء والانتماء تجاه العقيدة الإسلامية، وولاة أمر البلد وعلمائها؛ ما يسهم بالتالي في تكوين جيل قادر على صناعة الحياة بدلا من صناعة الموت.
إنها حكمة في الأمور، ومنهج يستدعي النظر والتأمل، بمعرفة مصادر التلقي الخاصة بمنهج أهل السنة والجماعة؛ من أجل حماية الشباب من أي فكر منحرف يناقض الفطرة، وتحقيق الأمن في المجتمعات. فمن أمّر السنة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة، ومن أمّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالبدعة، فجزى الله مؤسس هذه الجائزة وراعيها خيرا، وكتب له حسن الثواب والأجر.
drsasq@gmail.com