انتفخت أوداجها، وتمردت حتى على كسائها، فلفظته إمعاناً في تململها، وأصبحت تتصرف بشكل لم أعتده أبداً منها !
إنها بطارية الجوال ! تصوروا أن هذه القطعة الصغيرة لها وسائلها في التذمر. لقد ملأني الوهم بأنها محصنة ضد العطب وضد الزمن، على الرغم من كل الهلاك الذي عرضتها له، بدءاً من الاستماع المتواصل للإذاعات، مروراً بمشاهدة مقاطع الفيديو، وانتهاءً بمكالماتي الطويلة التي ثقبت جيبي قبل أن تثقب عين بطاريتي !
أعراض التمرد بدأت بالانطفاءات الفجائية. أكون في (عز) الحديث مع آخرين، وأثرثر على راحتي منتهزاً فرصة الاستماع الصبور من الطرف الآخر، وفي النهاية أكتشف أن (الآخر) لا صبور ولا يحزنون، وإنما الاتصال قد انقطع وانغلق الجوال، في حين كنت أظن أن مستمعي مستمتع بما أهذي به من خطرفات !!
توهمت في البدء أنني ربما أهملت شحن البطارية في الوقت المناسب، لكن بعد مراقبة الأمر اكتشفت أن البطارية تكون مشحونة (فل)، ثم بمكالمة واحدة تنهار أركانها، وينغلق الجهاز تضامناً معها دون استئذان !
شيء آخر لاحظته، وهو أن الغطاء الخلفي للجوال بدأ يتضعضع هو الآخر مع الأعراض الجديدة، فراودتني الظنون بأن الجوال قد بات عجوزا لا يقوى على العمل، وبدأت في تهيئة نفسي بتغييره على الرغم من أن عمره مثل عمر بطاريته لم يتجاوز العام إلا قليلاً !
وكعادتي حملت الجوال لأهل الاختصاص، وشكوت لهم ما به من أعراض، فقالوا على الفور إنها البطارية، قلت إذن ائتوني بأخرى فلبوا الطلب. وأثناء التركيب استشرتهم حول الغطاء المتضعضع، فقالوا إن ذلك شيء (عادي)، فالبطارية القديمة (انتفخت) عن حجمها الأصلي بعد إصابتها بالتلف، ولذلك بدأت تزاحم الغطاء الخارجي وتلفظه. وبالفعل.. ما أن تم تركيب البطارية الجديدة حتى نزل الغطاء مرتاحاً في مكانه دون مزاحمة من جارته الجديدة !!
حملت جوالي ببطاريته الجديدة متنفساً الصعداء، ووضعته مغلقاً على الشاحن لأربع ساعات متوالية حسب الإرشادات، وبعدها عدت بلياقة عالية لممارسة الاستماع الإذاعي ومشاهدة مقاطع الفيديو وممارسة الثرثرة مع أصدقائي الصبورين.
ما أشد لؤمك أيتها البطارية !
Shatarabi@hotmail.com