لأنها بطولة دوري، وحصيلة (22) مباراة ذهاباً وإياباً، ولأنها تميل دائماً لفرق (النفس الطويل) وذات الإمكانات والنجوم والعقول، فقد ذهبت بطولة أول دوري للمحترفين للاتحاد الذي بدأ قوياً متماسكاً مستقراً واستمر إلى أن وصل إلى محطة التتويج الأخيرة الحاسمة وهو في قمة توهجه وعنفوانه وجدارته بإحراز بطولته.
صحيح أن الاتحاد استفاد من الجولات الأخيرة وخصوصاً أمام الهلال من الظروف والتحولات والمواقف الرسمية التي هزت كيان واستقرار الأخير، ومن طرد عزيز المبكر، لكن هذا لا يلغي على العميد أحقيته بالبطولة، ولا يصادر عليه تفوقه وتألقه ونجاحه إدارياً وفنياً ونفسياً ومعنوياً طيلة مشوار ومواجهات الدوري، والطرف الثابت والمنافس القوي مع الهلال على بطولة دوري آخر ثلاثة مواسم.
الاتحاد في حضوره المثير، وأدائه الجاد، وعنفوانه الجميل، وهجومه الناري يمثل أنموذجاً حياً وملمحاً لافتاً للكرة الحديثة، ولتطور الأندية السعودية متى ما تفرغت للعمل بالتخطيط والاحترافية والإنفاق بانضباطية.
متى يعود الهلال؟!
على الرغم من قسوة الظروف والمنغصات التي اعترضت طريق الهلال في الأسابيع الماضية، إلا أن ذلك لا يبرر الهبوط الحاد في أداء الفريق وفي مستوى العديد من نجومه، إضافة إلى أن الاستسلام للظروف واستخدامها كذريعة متكررة وغير قابلة للزوال، وبالتالي التعايش معها والتأثر بها في كل مباراة ستضع الفريق الأزرق في دوامة مزعجة وشائكة يصعب التخلص والخروج منها بسلام.
الهلال في المرحلة الراهنة يحتاج إلى طي صفحات آلامه ومثبطاته، والتعامل إدارياً وفنياً وجماهيرياً مع الواقع الجديد بأسلوب يعيد للفريق شخصيته وهويته وثقته وقدرته على الاستفادة من روعة إدارته، وترسانة نجومه.. وهي برأيي مسؤولية تقع أولاً وغالباً على عاتق مدير الفريق سامي الجابر ونجوم الخبرة الدعيع والخثران والتايب والشلهوب وياسر القحطاني، إلى جانب المدافع الخلوق والمميز أسامة هوساوي.
الهلال ليس جديداً على هذا النوع من المعضلات المؤذية والقرارات التعسفية، وتاريخه الحافل يؤكد براعته في تجاوزها إلى حيث المزيد من البطولات..
النصر والتحكيم والحظ
من استمع بعد المباراة لتصريحات الأمير فيصل بن تركي وقوله إن الحظ خدم الهلال سيتخيل أن النصر كان الأخطر والأفضل والأكثر تهديداً على مرمى الدعيع، وأن الهلال لم تسنح له سوى الفرصة التي سجل منها ويلهامسون هدف التعادل، بينما واقع المباراة يؤكد العكس تماماً.. مثله تحدث طلال الرشيد عن أن الحكم وقف مع الهلال وساعده على إحراز التعادل، بينما جميع المحللين غير الهلاليين اتفقوا على أن الحكم المجري ظلم الهلال بعدم طرده لريان بلال إثر مخاشنته العنيفة لأحمد الفريدي ونتج عنها كسر مضاعف في الدقيقة السابعة من عمر المباراة، كما لم يحتسب ضربة جزاء صريحة لويلهامسون، خلاف مخاشنات برناوي والمبارك والموينع وأيدر.
مثل هذه التبريرات الغريبة وغير المنطقية، هي لا تهدف إلى الإقناع، أو احتواء أزمة ما، كما أنها لا تضحك وتستهزئ بعقول عموم الجماهير والمتابعين، وإنما الأسوأ من هذا أنها تكشف بوضوح عن الاستخفاف بمشاعر وعقول وحقوق وآمال وطموحات الجماهير النصراوية التي كانت تنتظر من النائب والمدير كلاماً يجسد الحقيقة ويعبر عن الواقع بطريقة تدل على أن هنالك خطوات إدارية جادة ومفيدة وقائمة بالأفعال، وليس بترديد الاسطوانة القديمة المضحكة المحبطة، أو بالبحث عن مهدئات وأعذار باتت العلامة الفارقة للنادي الأصفر..!
سكت لما سكت عمه!
في الحلقة الأخيرة من برنامج (مساء الرياضية) وأثناء الحديث عن المدرب (كالديرون) وعن أولئك الذين هاجموه ووصفوه بالمدرب المفلس في منتصف الدوري، شدني ما ذكره الدكتور مدني رحيمي، حينما أشار إلى أن هذه الأقلام لا تكتب حسب قناعاتها، وإنما تبعاً لما يملى عليها من بعض أعضاء الشرف، ومرتبطة تماماً بهم في الرفض والقبول، والسخط والرضا.. وقال رحيمي: (من شتم كالديرون فيما مضى لأن عضو الشرف الفلاني أراد شتمه، هو نفسه الذي سكت لما سكت عمه)..!!
بعد الخسارة الوحيدة في الدوري أمام الأهلي ظهر رئيس النادي سابقاً منصور البلوي في كثير من وسائل الإعلام وهو ينتقد بحدة المدرب كالديرون، وطالب بطريقة غير مباشرة بالاستغناء عنه، فتجاوبت معه الأقلام إياها التي سماها الدكتور مدني ب(التابعة).. وحتى قبل مباراة الأهلي كان هنالك تناغم وتوافق وتهيئة إعلامية تفرغت لمحاربة المدرب، وتهويل أخطائه عبر حملات متتالية تحقيقاً لرغبة عضو الشرف، وتمهيداً لموقف مضاد سيعلن عنه..
في تلك الفترة بدأت إدارة المهندس جمال عمارة بالبحث عن بديل ووقع الاختيار على مدرب المنتخب الحالي البرتغالي (بوسيرو) والتي طلبت من كالديرون البقاء في الأرجنتين في إشارة إلى عدم رغبتها في استمراره، وكادت الأمور أن تنتهي بإقصاء كالديرون والتعاقد مع بوسيرو الذي أنهى التزاماته ووصل بالفعل إلى دبي لهذا الغرض.. لولا التدخل المباشر والحكيم من كبير الاتحاديين ورمزهم وعضو شرفهم الداعم والأميز على امتداد السنوات العشرين الأخيرة الأستاذ عبدالمحسن آل الشيخ، الذي أحبط مخططهم وجدد الثقة بكالديرون، فرأينا العميد يعود قوياً ومتصدراً ومثيراً لإعجاب المنافسين قبل الاتحاديين.
تجديد الثقة بكالديرون كان القرار التاريخي والمفصلي للعميد هذا الموسم، والخطوة المهمة التي قادته لإحراز البطولة الحلم.
***
* أجزم أن لغياب نائب الرئيس والإداري الخبير والمتمرس الأمير نواف بن سعد تأثير سلبي على أجواء وأداء الفريق الهلالي.
* الشباب مرشح بقوة ومؤهل أكثر من غيره للمحافظة على لقب كأس خادم الحرمين للأبطال.
* بحماقته المعتادة قدم خالد عزيز على حساب تعب وبذل وجهد فريقه خدمة للاتحاد لا تقدر بثمن..!
* عبدالله العضيبي يعمل بمهنية عالية وبحضور جميل ولافت، وهو بأسلوبه وحيويته ولباقته يعد من الوجوه المشرقة والمميزة في شبكة قنوات ART.
* بعد لقب الخليج تحول ماجد المرشدي إلى لاعب آخر تائه ومدافع لا يجيد التمركز والتغطية والارتقاء وبات مصدر قلق على الدفاع الهلالي.
* كان النجم أبو شروان ورقة الاتحاد الرابحة ورجل الحسم في مساء البطولة.. لكن لأنه غير سعودي فقد ذهبت المدائح والإشادات لغيره.
* الأقرب أن ريان بلال لم يتعمد إصابة أحمد الفريدي بقدر ما كان متهوراً حد العنف.
* كم من (البلاوي) ستكتشف فيما لو قامت اللجنة الفنية بالمراجعة والتدقيق في كشوفات وبيانات مباريات الدوري الممتاز للناشئين والشباب..؟!
* اختفت تماماً العقوبات الصارمة التي طالت فيما مضى همس مدرجات الهلال ولم تحرك لجنة الانضباط ساكناً وهي تسمع الصيحات (النشاز) والعبارات الوقحة عبر مكبّرات الصوت ضد الهلال وقائد المنتخب ياسر القحطاني وقبله عيسى المحياني.