تستأجر السعودية طائرات تركية للنقل في الداخل، وهذه غير مقيدة حجز مقاعد قبل أوقات الرحلات، وقد لا يكون هناك إشكالية، غير أنّ مبدأ النقل يتطلّب حجز من يرغب أن يكون في المقدِّمة عبر حجز مسبق، وأنا أتحدث عن درجة الضيافة .. لكن أن ينسحب هذا المبدأ على الرحلات الدولية، فيقال لك وأنت تحاول الحصول على مقاعد محددة، إنّ السفر على الطائرات المستأجرة، المبدأ فيه أن تُعطى أيّ مقعد من المقاعد الحرة free seats .
وعهدي بخطوطنا التي يختارها الكثيرون أنّها تحرص على إرضاء عملائها في خدمتهم كما تعلن دائماً! فلماذا! تغيّرت قاعدة الاحتفاء والترحيب بمن تعوّد اختيار رحلاته على طائرات وطنه، وقد تعوّد أن يجد فيها راحته وخدمته؟! إنني وغيري لا نتدخل في استئجار مركبات جوية من أي شركة أجنبية، لكن مبدأ تحديد المقاعد للمسافر، أعتقد أنه سليم لا سيما للمسنين الذين يسعون إلى أن يكونوا في مقدمة الطائرة، وعبر السفر على الرحلات الداخلية، رأيت فوضى الدخول في الطائرة .. كلُّ راكب يريد أن يجلس حيثما أراد، وهذه عشوائية لا ينبغي أن تكون عبر خطوطنا التي ألِفنا فيها نظاماً مقبولاً، وإنْ كان التعاطف مع بعض المسافرين الذين يعرفهم بعض الملاحين لانتمائهم إلى وطن مشترك، هذا السلوك يثير بعض مشاعر الركاب، لكنها حالة تحدث حينما يكون هناك فضاء في درجة (رجال الأعمال) .. على أي حال، فقد لا يثيرني هذا التصرف، لأنه ليس من حقي الاعتراض، لأني وضعت في المساحة أو الدرجة المحددة لنوع (تذكرتي) وهو درجة الضيافة، وإنْ كنت أرجو أن تنبِّه - السعودية - على الملاحين الذين يحدث منهم هذا التصرف العاطفي غير المقيد، لأنه وضع غير نظامي .. وربما احتيج إليه حينما يكون عدد الركاب في الدرجة السياحية أكثر من عدد المقاعد المتاحة، فيأخذ الملاحون العدد الزائد إلى درجة رجال الأعمال أو الأولى.
إنّ المرء الذي يُغار على ما يتعلّق بوطنه، ومن ذلك أسطولنا الجوي للنقل، إذا رأي أخطاءً أن ينبِّه إلى ذلك، لأنه كما يبدو واجب .. فهل تتفضّل الإدارة العامة للسعودية بمعالجة هذا الجانب الذي أشرت إليه .. وإني أعلن أنني طالما لقيت العون من الإخوة في مطاراتنا والمقابلة الكريمة، ولا أنسى موقفاً كريماً في صيف 2008م حين كنت في زحمة الذروة، ومعي صديق وأستاذ تونسي عضو في هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود، والرجل المسافر وأنا في حيرة، وإذا بمساعد المدير العام التنفيذي في السعودية للتسويق الأستاذ عبد العزيز الحازمي أتلاقى به وجهاً لوجه، وتفضّل مبادراً بسؤالي: هل يلزم خدمة؟ وأحسست وصاحبي كأنّ هذا المنقذ هبط من السماء، فقلت: نعم! وما أسرع ما قال لرجل من المسؤولين في السعودية بالمطار: هيئ له ولأسرته مقاعد على الطائرة التي ستقلع بعد ساعة أو أقل .. ولم أجد كلمات أشكر بها الرجل الكريم .. وخطر بذهني وأنا أتحدث عن الطائرات المستأجرة، وأنا على شاطئ المتوسط في تونس الخضراء، حيث الصحب الأعزة الفضلاء، خطر ببالي ذلك الموقف الكريم لرجل كريم في تلك - الزنقة - حيث كان الإنقاذ لرجل عزيز كريم .. وإذا كنت لم يتح لي شكر سعادة المعين الأستاذ الأخ عبد العزيز الحازمي، فها أنا أذكر ذلك الجميل لرجل يزرع الجميل تطوّعاً وبسماحة خلق ونفس تبث وتشيع المعروف .. أكثر الله من هذه الصفوة الأخيار الكرام وأحسن إليهم بخير الجزاء.
وقبل عودتي من تونس في مطلع شهر أبريل 2009م، سعيت إلى مدير السعودية بتونس الأخ معجب الدوسري في مكتبه، راجياً عوني بكراس في الأمام وكذلك بالسماح لي بكيلوات في زيادة عفشي، وقد وعدني بالعون .. وجاء إلى حيث أنتظر في المطار، ووفّى بما وعد، وإني أبادر بشكره وأقدر ما أفضل به فأراحني مما كنت مشغولاً به .. وهذا فضلٌ من الله، حيث ألقى المعينين هنا وهناك، وإني أثمن هذه الجمايل من إخوة أعزة كرام، زادهم الله من فضله وأحسن إليهم كفاء صنع المعروف .. وتحية خالصة إلى كل الأخيار حيثما كانوا، والحمد لله ..
وعبر هذه الوقفات، لعلِّي أشير، وذلك في بالي منذ سنين، حول قوالب الزبدة التي تقدّم مع الوجبات، وفي تقديري أنّ كثيراً منها يُرمى لأنها لم تؤكل .. ولعلّ (الكترنج) تدرس عبر إحصائية يُعنى بها من قِبل مقدِّمي الطعام على الخطوط الداخلية والدولية، كم هي قوالب الزبدة المرتجعة دون تناول، وأعني وجبات الغداء والعشاء، وكذلك الإفطار إنْ لزم الأمر، للوقوف على الكميات التي لم تتناول، وصولاً إلى إحصائية تحدد الاستفادة من عدمها من قوالب الزبدة، في زمن يتخلّص فيه كثير من الناس من الدهنيات التي أصبحت غير مقبولة لدى الكثيرين ولدى شرائح ربما كانت في ازدياد مع الأيام، دفعاً للبدانة وعدم الاحتفاء بها!