منظومة القيم التي تشكل شخصياتنا هي هويتنا التي نقدمها للآخر, ومنذ أشار جاك لاكان إلى أن الطفل مثل البيضة السائحة المكسورة التي لا تتشكل إلا بعد وضوح الهوية من خلال الآخر أو (أنا, أنت )حيث يبدأ الإنسان معرفة نفسه من خلال معرفته باختلافه عن الآخر, ظلت القيم هي التي تميزنا عن بعضنا.
من هنا حاول أن تضع نفسك في مقابل للآخر لتعرف المشتركات بينك وبينه ومدى صدق كل منكما في العمل بما يعتقد؟
من الخطأ أن نقيم الناس وفق ما يفعلون بل يلزم أن نحدد هويتهم من خلال صدق أفعالهم مع ما يعتقدون ويضمرون!!
الأسوياء هم أولئك الذين تتطابق أفعالهم مع معتقداتهم, وكلما اختلفت معتقداتهم وأفكارهم تغيرت أفعالهم معها, أي أن هذا التغير في أفعالهم ناتج عن تغير في قناعاتهم وأفكارهم وهذا نتيجة طبيعية للتطوير والتجريب والتحديث الذي يجريه الانسان المتحرك الحي في أيامه ولياليه.
لكن التعساء الذين تقهرهم الكآبة ويكونون لقمة سائغة للأحقاد والضغينة البشرية هم أولئك الذين ترتبط قيمهم بالسلم المادي فمن أجل المزيد من المادة يتبدلون ويفعلون ما يناقض معتقداتهم من أجل حيازة المزيد من المكاسب.
ولك أن ترقب عينة من الناس وتضعهم تحت هذه الرؤية لتكتشف أن الكثير من القيم التي نتصارع عليها هي قيم هشة وغير مؤسسة على قاعدة متينة وسرعان ما تتهاوى أمام المكاسب المادية.
هناك مشرفة ترتدي عباءة على الرأس, وتضع نقابا بفتحة واحدة على عين واحدة لا ترد السلام على النساء اللاتي يرتبن حواجبهن أو يرتدين عباءة على الكتف, تثور ضد أي فكرة تحديث أو تطوير. حين ترك لها الاختيار في أن تحضر مؤتمرا مختلطا بالرجال تنال على إثره شهادة حضور, ممكن تفيدها في عملها, سارعت إلى الحضور مع أن الأمر اختياري وجلست مع الرجال.
ولك أن تقيس كم هي القيم التي نظنها لا تتبدل من شدة رسوخها ونفاجأ بأن المال والمكاسب الدنيوية تجعلها هباءً وذكرى.
عمل المرأة في قرى نائية واحدة منها والقائمة طويلة.
لذا لا بد أن نقدم احترامنا دائماً لمن يتطابق معتقده مع فعله!!