** فقدت مدرسة الوسطى قبل أيام قلائل أحد أبنائها الأوفياء ممن خدموا مسيرتها أكثر من ثلاثة عقود من الزمن لاعباً ومدرباً.. إنه النجم الراحل الخلوق فهد الفهيد المعروف بلقب (البطران) الذي وافته المنية صباح يوم الخميس قبل الماضي إثر نوبة قلبية دهمته في منزله -تغمده الله بواسع رحمته- تاركاً في هذه الحياة الفانية أربعة أطفال وزوجة مكلومة.
والفقيد كان من أبرز المدافعين الذين مثَّلوا نادي الرياض منذ عام 1397هـ وفي كافة مراحله العمرية ضمن جيل صلاح السقاء وخالد القروني وعبد العزيز الشليل وناصر الدوسري وجميل فرج وسعد الدوسري واختير لتمثيل منتخب الشباب في النصف الأول من عقد الثمانينيات الميلادية.. واشتهر بقدراته الفنية البارعة وإجادته للرقابة اللصيقة وقوة التصويب.. فضلاً عن سلوكه الرياضي الرفيع داخل وخارج الملعب.
ففي عام 1407هـ تعرض لحادث مروري وأُصيب بكسر في الساق وإزاء ذلك اتخذ قرار الاعتزال المبكر (قسراً) لظروف الإصابة وتأثيرها.. وفي الموسم الذي تلاه خاض تجربة في مجال التدريب بعد التحاقه بدورات تدريبية خارج المملكة وأشرف على تدريب الناشئين والشباب بنادي الرياض أكثر من (عشرين عاماً) ساهم وبقدراته الفنية في اكتشاف وصقل وإعداد المواهب الشابة.. وقدم العديد من الوجوه الواعدة التي مثلت المدرسة في دوري الكبار.. ولعل من أبرزهم محمد القاضي وياسر الطائفي وسعد الدوسري وأحمد المفرج وحمد القميزي والصحبي ومبروك زايد.. وهؤلاء كانوا من ضمن الجيل الذهبي الذي قاد المدرسة لمنصات التتويج لأول مرة في تاريخ هذا النادي المخضرم في منتصف التسعينيات الميلادية.
يقول الدكتور صلاح السقاء عضو الشرف بنادي الرياض إن النجم الراحل فهد البطران كان يُعد نموذجاً في انضباطه وسلوكه الرياضي وحبه للنادي الذي خدمه أكثر من ثلاثة عقود زمنية لاعباً ومدرباً قدم خلالها تضحيات كبيرة وعطاءً متواصلاً شهد لها كل من تواجد في المدرسة.. وأضاف المدافع السابق أن الفقيد سيظل من أبناء النادي المخلصين الذين تركوا سيرة طيبة وسمعة رائعة بعد وفاته متمنياً من المولى جل شأنه أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.. ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
أما المدرب الوطني القدير خالد القرني أشار في هذا الصدد إلى أن علاقته برفيق دربه (البطران) تعود لأكثر من 30 عاماً وعايشه لاعباً ومدرباً.. مؤكداً أن الفقيد كان بالفعل من محبي المدرسة حتى بعد تركه للكرة بسبب الإصابة عاد ليخدم النادي من خلال التدريب.. مشدداً على أن الراحل كان يُعتبر من المدربين الوطنيين المتميزين في اكتشاف وتبني المواهب وامتلاكه خاصية الإعداد الأمثل في صنع النجوم الواعدة.. مشيراً إلى أن إشرافه على الجيل الذهبي الذي قاد الرياض للصعود للذهب في درجة الناشئين كان له الدور الأكبر في تألق هذه الأسماء.. وعبَّر القروني عن حزنه على رحيل رفيق دربه.. مؤكداً أن الفقيد كان مثالاً في الخلق والأدب والتواضع ومحبة الجميع.. داعياً له بالرحمة والمغفرة.
في حين قال حارس الرياض السابق وعضو الشرف الحالي سلطان الدوس إن الكابتن فهد البطران كان أكثر اللاعبين في عصره حباً وولاء للنادي وممن تميزوا بحسن الخلق واحترام الآخرين وزاد أن الفقيد خدم النادي مدرباً ولاعباً أكثر من ثلاثة عقود زمنية وصنع العديد من الأجيال الذين تبناهم في صغرهم ونجح في إبراز مواهبهم الفطرية لتتألق مع الفريق الأول وتقوده لعالم الذهب لأول مرة في تاريخه ومنهم سدوس الصغير والقاضي والمفرج والطائفي وغيرهم من النجوم التي صنعت الإنجازات الذهبية لمدرسة الوسطى.. وناشد الدوس أمير الإنسانية (سلطان بن فهد) بلفتة كريمة ولمسة حانية لأبناء الفقيد (فهد البطران) الذي رحل وترك خلفه أربعة أطفال وزوجة مكلومة.. ليس لهم معيل بعد الله عز وجل إلا لفتة إنسانية من أمير الرياضة والشباب سلطان بن فهد صاحب الأيادي البيضاء التي امتدت لتطوق أعناق المكلومين والمحتاجين والمساكين من أبناء الرياضيين.. مؤكداً ثقته بالقيادة الرياضية في الوقوف مع الرياضيين في أحلك المواقف والظروف ومنهم أسرة النجم الراحل فهد البطران الذي خدم الرياضة ثلاثة عقود زمنية ورحل وهو على رأس التدريب بقاعدة المدرسة الفنية.
ويتفق الزميل عبد المحسن الجحلان المحرر بجريدة الرياضية مع الضيوف الذين تحدثوا عن فقيد المدرسة فهد البطران حيث يؤكد أن البطران كان نموذجاً للرياضي المثالي في التزامه وسلوكه وخلقه الرفيع وكان محبوباً من الجميع وصاحب قلب أبيض لا يمكن أن يضمر الشر للآخرين وبالتالي كسب حب جميع من زامله خلال مشواره الرياضي.
ويضيف الجحلان أنه زامل الراحل كلاعب في الثمانينيات الميلادية ووصفه بالنجم المهاري في حين يؤكد أنه تألق في مجال التدريب أكثر من عقدين من الزمن وصنع جيل الذهب الذين حققوا الإنجازات للمدرسة لأول مرة في تاريخها.