Al Jazirah NewsPaper Friday  17/04/2009 G Issue 13350
الجمعة 21 ربيع الثاني 1430   العدد  13350
 
رفقاً أيها الزوج بامرأتك
منصور بن عبدالله آل عتيق *

 

إننا في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن وتوالت يوماً بعد يوم فأصبح الإنسان لا يطيق حتى نفسه فجعل الرجل يجعل حمله وضيقه على أهله وخصوصاً على زوجته التي هي مسكنه ومقره قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم، فجعل الله هذه الحياة الزوجية دوحة يستظلون بها وجعل فيها المودة والرحمة التي يستقر الإنسان به حياته وجعل الله سبحانه هذه المرأة رقيقة وعاطفية للرجل لأنها خلقت من ضلعه ولذا ذكر الله قوامة الرجل عليها بقوله {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) (34) سورة النساء، ولذا أمر الله عز وجل الحفاظ على هذه المرأة وعدم إهانتها بعد أن كانت في عصر الجاهلية مهانة ومحقورة ومرذولة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ.. الآية} (19) سورة النساء وهو أن يمنعها وليها النكاح حتى تموت فيرثها أهل الزوج المتوفى وكذلك الزوج يضر بامرأته وهو كاره لها حتى تفتدي منه بمال كثير يثقل كاهلها ولكن الله سبحانه عزها ورفع مكانتها بسورة تتلى فيها إلى قيام الساعة فجعل الإسلام لها حقوقاً عليك أيها الزوج وجعلها أمانة عندك مسؤول عنها يوم القيامة وجعل من أعظم حقوقها:

1- الوصية بالنساء خيرا وإعطاؤها حقوقها وعدم بخسها أو احتقارها أو ضربها دون مبرر لذلك قال تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) وقوله صلى الله عليه وسلم (استوصوا بالنساء خيراً) متفق عليه، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة) رواه أحمد، وحديث معاوية بن حيدة قال قلت: يا رسول الله ما حق زوجة احدنا عليه؟ فقال صلى الله عليه وسلم (أن يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا كسا ولا يضرب الوجه ولا يقبح ولا يهجر إلا في البيت) رواه أحمد، ولكن نجد الرجال هداهم الله من يتخذ الهجر عذراً وطريقاً لأي سبب حتى وإن كان تافهاً لأخذ زلاتها والعزلة عنها وإبعاد حقها من المبيت عندها.

2- معاملتها المعاملة الحسنة والمحافظة على شعورها وتطييب خاطرها والتزين لمنظره عندها كما يحبه فيها قال ابن عباس رضي الله عنهما (إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي لأن الله ذكره بقوله (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)) ولكن نتفاجأ ببعض الناس هداهم الله من يدخل على امرأته بأقبح المنظر والرائحة الكريهة لكن تجده عكس ذلك مع الأصدقاء والرفقاء والأقارب تجد المظهر الحسن والرائحة الطيبة والكرم والسخاء وحسن الكلام والضحك وسعة الصدر معهم حتى إن رآه الرجل قال ما أحسن خلق هذا مع الناس وأهله ولا يعلم أن هذا الرجل يظهر ذلك أمام الناس وهو عكس ذاك مع أهله وزوجته إذا كلمته ربما قبحها أو لعنها وشتمها والعياذ بالله وإذا قدم إليها ونظر إليها تمعر وكشر في وجهها وربما هزأها في خلقها أو خِلقتها وإذا ناداها فيناديها بأسماء أو ألقاب قبيحة وإذا جلس معها أخذ بذكر محاسن نساء أخريات عندها لأجل تجريحها وغيظها وكل ذلك ليس من صفة الرجل المسلم مع أهله لأن الرجل المسلم الذي يرى أهله ويخدمهم ويلبي ويشبع حاجتهم العاطفية بالكلام الطيب والثناء الحسن حين تصنع له شيئاً من المظاهر الحسنة والطعام الطيب ويلاعبها ويداعبها ويمزح معها ويمرح أما تسمع ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كل شيء يلهو به الرجل فهو باطل إلا: تأديبه فرسه، ورميه بقوسه، وملاعبته أهله) رواه أبو داود والترمذي، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينادي عائشة بياعائش تتطيباً لها وإدخال السرور في وجهها) وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسابق عائشة وتسابقه.

3- النفقة لها وقد أجمع علماء الإسلام على وجوب النفقة الزوج على الزوجة أو الزوجات والحكمة من ذلك أن المرأة محبوسة على الزوج بمقتضى عقد الزواج، ممنوعة من الخروج من بيت الزوجية إلا بإذن منه للاكتساب، فكان عليه أن ينفق عليها، وعليه كفايتها، وكذا هي مقابل الاستمتاع وتمكين نفسها له، وتوفير ما تحتاج إليه الزوجة من طعام، ومسكن، فتجب لها هذه الأشياء وإن كانت غنية، لقوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} وعن عائشة قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك. رواه البخاري وقد دل ذلك على وجوب النفقة حيث أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ شيءٍ من ماله ولو لم يعلم بذلك، وعن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع: (فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف). رواه مسلم.

4- المسكن: وهو أن يهيئ لها زوجها مسكناً على قدر سعته وقدرته: قال الله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ} (6) سورة الطلاق.

5- العدل بين الزوجات بالتسوية بينهن في المبيت والنفقة والسكن قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} وإننا لنرى الكثير من الأزواج هداهم الله من تكون له امرأتان أو ثلاث أو أربع فيعدل في إحداهن ويجور في الأخريات يعطي هذه حقوقها من مبيت ومسكن ونفقة ويهضم هذه حقها فربما هجرها في مضجعها أو عدم النفقة عليها أو عدم السكن لها وكل ذلك جور وعدم عدل فمن فعل ذلك جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل من جوره وعدم عدله قال صلى الله عليه وسلم: (من كانت له امرأتان يميل إلى إحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه ساقط) وفي رواية (وشقه مائل) وقال تعالى: {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ}، وهذا فيما لا يملكه الإنسان في قلبه من الحب ثم قال تعالى: {فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} (129) سورة النساء أي منعها ليلتها من المبيت وعدم النفقة عليها فتصبح كالمعلقة لا هي أيم ولا ذات زوج إذاً اتقِ الله أيها الزوج فيهن، وكافيك عدل النبي صلى الله عليه وسلم بين زوجاته حتى في سفره يقرع بينهن فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ليس هذا فحسب بل كان في مرض موته صلى الله عليه وسلم فجمع زوجاته في أن يمرض في بيت عائشة فأذن له وقد كان لمعاذ بن جبل (امرأتان فإذا كان يوم هذه لم يشرب من بيت الأخرى الماء).

6- تحمل أذاها والصبر عليها والمحافظة على الأمانة وكذلك المحافظة على مالها وعدم التعرض له إلا بإذنها فما من بيت إلا يصبح فيه شقاق ولكن على الرجل كما قال صلى الله عليه وسلم (لعلك إن سخطت منها جانباً أن ترضى منها جانباً آخر) كما يجب عليه أن يكون معيناً لها على طاعة الله بتعليمها العلم الشرعي وتعلم القرآن والصلاة فروضها وسننها والصيام وكثرته والاقتداء بالحجاب الشرعي والابتعاد عن التبرج والسفور بالكلام الطيب والمناصحة الحسنة كما قال تعالى: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} ولذا قال تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} وعن عائشة قالت: (نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين) رواه البخاري، وقال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}، وقال صلى الله عليه وسلم: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى فإن أبى نضحت في وجهه الماء) رواه أحمد، كما يجب عليك أن تحافظ على مالها من المطامع فقد يكون لها مال من إرث أو عطية أو راتب شهري تأخذه من عمله فاحذر التعرض له إلا برضاها قال تعالى: {وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا} (4) سورة النساء، وكافيك فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أميناً على مال زوجته خديجة فلم يأخذ إلا حقه ولم يظهر الغضب والحمق حتى ترضيه بمالها ولكن في هذا العصر من يطمع في مال زوجته يرضيها عند وجوده ويسخط ويغضب عليها عند فقدانه والله تعالى يقول: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} (20-21) سورة النساء، وكما أن الزوجة لا يجوز لها أن تنفق مالها إلا بإذنه ورضاه لأنها تابعة له.

* الرياض


التعليق

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد