Al Jazirah NewsPaper Friday  17/04/2009 G Issue 13350
الجمعة 21 ربيع الثاني 1430   العدد  13350
 
نايف.. سعة في الصدر وامتداد في الأفق

 

عندما يكون الحديث عن إنجاز من الإنجازات، أو عمل من الأعمال؛ فإنه يسهل الإلمام به، ويسهل الوصف والتغيير.

بينما لو كان الحديث عن علم من الأعلام، أو فذ من الأفذاذ، له حياته الحافلة والعطاء والإنجازات والمواقف التاريخية؛ حينها يصعب الحديث، ويشق انتقاء الكلمات والجمل التي تفي بحق المتحدث عنه.

ومع تلك الصعوبة والخوف من عدم الإلمام بجوانب الحديث؛ إلا أن المحاولة بحد ذاتها تعد تشريفاً وتكريماً للمتحدث ومن هذا المنطلق يأتي حديثي هذا عن رجل دولة استحق بكل جدارة أن يوصف بأنه رجل الأمن الأول، إنه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله ورعاه -.

هذا الرجل الفذ، لو أردت أن أشبهه بشيء ما، لشبهته بالبحر، هذا المخلوق العظيم الذي كلما تأملته؛ كلما وجدت فيه جديداً عجيباً.

نعم إنه كالبحر في سعة صدره وامتداد أفقه. كالبحر في عظم ما يحوي من نفع وخير للناس. كالبحر في لين مائه؛ يسكب في أوعية مختلفة الأشكال والأحجام والألوان، فيتغير شكله دون أن تتبدل تركيبته، ودون أن يؤثر على نقائه وصفائه. كالبحر طاهر مطهر، لو رمي بحجر تكدر سطحه لفترة ولكن سرعان ما يعود إلى ما كان عليه كالبحر صبوراً، فأمواجه تتدافع نحو الصخور يوماً تلو اليوم، وشهراً تلو الشهر، وسنة تلو السنة، حتى تترك آثارها في الصخر الأصم.

كل هذه الصفات لها ما يؤكد وجه الشبه فيها من مواقف وأعمال كثيرة عظيمة، فمنذ أن تولى مسؤولية العمل في 17 جمادى الآخر عام 1371هـ وكيلاً لإمارة منطقة الرياض ثم في 3 ربيع الآخر عام 1372هـ أميراً لمنطقة الرياض، ثم في 29 ربيع الأول عام 1390هـ نائباً لوزير الداخلية، ثم في 17 ربيع الأول عام 1395هـ وزيرا للدولة للشؤون الداخلية، ثم في 8 شوال عام 1395هـ وزيراً للداخلية، إلى أن صدر في 30 ربيع الأول عام 1430هـ أمر ملكي يقضي بتعيينه نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء، كل هذه المناصب، وغيرها من المناصب الخيرية والفخرية؛ تعطي دلالة واضحة على ما يمتلكه هذا الأمير المبارك من تأهيل علمي وعملي، وما يمتاز به من حنكة وحكمة، جعلته وعلى مر حياته العملية كالشمعة التي تحرق نفسها لتضيء للآخرين، فبفضل الله أولاً، ثم جهود سموه كان الحد من الجريمة بجميع أشكالها وأنواعها وطرق تنفيذها، وكذلك محاربة الإرهاب والإرهابيين وأصحاب الفكر الضال وتجفيف منابعه وموارده.

ويخطئ البعض حين يعتقد أن جهود هذا الأمير المبارك مقتصرة على وزارة الداخلية فقط، ولهؤلاء وغيرهم أشير إلى المناصب الأخرى التي تقلدها سموه، لتكون الصورة واضحة، وحتى يعلم عظم وجسامة الأعمال التي يقوم بها، فهو يتولى رئاسة المجلس الأعلى للإعلام، ورئاسة الهيئة العليا للأمن الصناعي، ورئاسة لجنة الحج العليا، ورئاسة المجلس الأعلى للدفاع المدني، ورئاسة مجلس إدارة جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، ورئاسة الهيئة العليا لإغاثة الشعب الفلسطيني، ورئاسة مجلس القوى العاملة، ورئاسة مجلس إدارة صندوق التنمية البشرية، ورئاسة الهيئة العليا للسياحة، ونائباً لرئيس الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، وعضواً في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، كما أنه ترأس اللجنة التي وضعت النظام الأساسي للحكم ونظام مجلس الشورى ونطام المناطق وحصل على العديد من الأوسمة، والدكتوراة الفخرية.

وكون هذا الأمير رجل دولة: فإنه يبين بوضوح ودون لبس، ويؤكد في عدة محافل: أن هذه الدولة دولة إسلامية تتخذ القرآن الكريم والسنة منهجاً ودستوراً، وأنها صاحبة رسالة عالمية سامية، هي ميراث النبوة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، كان - حفظه الله - يعلن وبكل فخر حماية الدولة للشريعة الإسلامية، وتبنيها للمشروع الإسلامي في كل شأن من شؤون الحياة، ولا أدل على ذلك من قيامه بإنشاء أكبر جائزة عالمية للسنة النبوية، وغيرها من الجوائر الشرعية والعلمية التي تشرف أصحابها باستلامها من يده الكريمة.

وحرص هذا الرجل على حماية الشريعة ونصرة السنة إنما هو من منطلق فهمه وإدراكه لرسالة هذه الدولة التي قامت عليها، بداية من اتفاق الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب - رحمهما الله - على أن تقف القوة مع العدالة، وتؤيد السلطة الشريعة. ولا شك أن الدعوة الصحيحة والعلم النافع، يحتاجان إلى قوة عادلة، ودولة قائمة، وسلطان مهاب، ليمكن لأهلها في الأرض، وهذا ما نعيشه نحن في هذه الدولة المباركة، ويتمناه غيرنا في باقي الدول الإسلامية.

موقف الإمامين - رحمهما الله - يذكرني بمواقف الأمير نايف - حفظه الله - مع أجهزة هذه الدولة بشكل عام، ومع جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل خاص، فما زلت أذكر تلك الكلمات التي تستحق أن تكتب بماء من ذهب، ففي لقاء سموه الكريم بمسؤولي الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ارتجل الكلمات التالية: إنه شرف لهذه البلاد أن فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن الدولة هي التي تقوم بهذا العمل وتحقق هذا الأمر وتعمل من أجله.

وأضاف سموه: ويجب أن يعرف الجميع داخل البلاد وخارجها، أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو ركن أساسي لدولة الإسلام، ويكفي أن نأخذ من هذا الاسم: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن الذي لا يحب أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

وأردف سموه قائلاً: لا بد أن يعرف الجميع في الداخل والخارج ما هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما هي أهدافه، وأرجو أن يتحقق هذا بالكيفية التي نتمنى أن تكون، والتي يستحقها من يعمل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وأضاف سموه: أقولها بكل وضوح وصراحة: نحن مستهدفون في عقيدتنا، ونحن مستهدفون في وطننا، وأقول بكل وضوح وصراحة لعلمائنا الأجلاء، ولطلبة العلم، وللدعاة، وللآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، ولخطباء المساجد، دافعوا عن دينكم قبل كل شيء ودافعوا عن وطنكم، دافعوا عن أبنائكم، دافعوا عن الأجيال القادمة، فماذا سلم لنا من سبقنا، لقد سلموا لنا الأمانة سليمة، وعشنا في ظلها وخيرها، فهل نحن سنسلمها للأجيال القادمة كما سلمها لنا السابقون من الآباء والأجداد، أرجو ذلك إن شاء الله.

وفي نفس اللقاء أشار سموه الكريم إلى ما يكاد للمرأة، فقال سموه: إن هذا الفريق وهؤلاء - يقصد من يحاول تغريب المرأة - يدافعون عن المرأة ويتهموننا بتحقير المرأة، فيا للعجب! فهل الإنسان الذي على استعداد ليضحي بنفسه وبدمه في سبيل كرامة المرأة، مثل الإنسان الذي يدفع بالمرأة للرذيلة لكي تعيش؟ هل يعتبر هؤلاء أن النساء اللاتي يجبن الشوارع والمراقص والمعارض من أجل متعة الرجل، هل هذا تقدم؟

إنها كلمات صدرت وما زالت تصدر، من رجل يتولى مع إخوته - حفظهم الله - زمام الحكم، ويقودون دولة لها ثقلها في العالم، بعد أن تبوأت مكانة مرموقة بين دول العالم، تلك المكانة جعلتها أكثر احتياجاً إلى رجال مخلصين يسيرون بها على المنهج الذي انطلقت منه منذ تأسيسها وسمو الأمير نايف يعد من هؤلاء الرجال المخلصين، الذين يملكون رصيداً كبيراً من الخبرات والتجارب، والفهم العميق للظروف والأحداث الداخلية والخارجية، مما يجعله مؤهلاً بتوفيق الله للعب أدوار قيادية أكبر لخدمة البلاد والعباد.

أسأل الله بمنه وكرمه أن يديم على هذه البلاد أمنها واستقرارها، وأن يوفق ولاة أمرنا لما فيه عز الإسلام والمسلمين، وأن يسدد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده والنائب الثاني لكل خير، وأن يرزقهم البطانة الصالحة الناصحة التي تعينهم على نوائب الحق، إنه خير مسؤول وأكرم مأمول، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

د. عبدالله بن محمد الشثري
المدير العام لفرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الرياض


التعليق

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد