قدر لي أن أزور عدداً من معارض الفن التشكيلي كما في بينالي القاهرة مؤخراً كما أتيحت لي الفرصة في فترات سابقة لزيارة بعض المعارض في السويد والمجر وتونس وغيرها واطلعت عبر المواقع الإلكترونية على بعض المعارض التي طغى عليها التوجه بقوة نحو الفن المفاهيمي هذا الأسلوب الذي طرح اسمه بقوة كأحد الحلول الفنية المعاصرة مهيمناً وبجسارة على كل الأطروحات والبدائل والأساليب المعروفة في الفن التشكيلي.. هذا الأسلوب أو التوجه الحديث للفنان التشكيلي جاء متزامناً ومتوافقاً ومنسجماً مع النقلة العصرية والتحول الرهيب في الكثير من مشاهد الحياة وصورها وأشكالها بما في ذلك أنماط السلوك والتذوق مما ولد ثقافة عصرية جديدة قوامها الآلة والتقنية والتي وظفت وأقحمت في كل مجالات الحياة العصرية أيضاً.
كل هذه التداعيات وهذه التحولات المباشرة وغير المباشرة وكل هذه المعطيات الحياتية الجديدة كان لها تأثيرها الواضح على مسار الحركة التشكيلية في العالم أجمع وبطبيعة الحال فإن المشهد التشكيلي العربي وهو جزء من هذا العالم إنحرف أيضاً خلف هذا التيار وساير هذه الموجة الفنية العاتية وبالتالي أصبحنا نشاهد معطيات ونصوص وأطروحات وحلول هنا وهناك، وقد سايرت النهج العالمي من حيث الشكل والعناصر والعوامل والوسائط المساعدة.
والفن المفاهيمي كما نعلم جميعاً هو توجه أو أسلوب فني جديد يعتمد بالدرجة الأولى على الفكرة والمضمون وبالتالي فهو يحمل رسالة أو ربما رسائل عدة ذات طابع سياسي أو فكري أو اجتماعي أو خلاف ذلك من أفكار ورؤى يود الفنان إيصالها إلى الآخر وفق تصور وقناعات وثقافة الفنان نفسه هذا التوجه الجديد لا يزال في عالمنا العربي محور صراع ما بين أرباب المدارس التقليدية المعروفة وما بين البعض من الفنانين الجسورين ممن استهوتهم اللعبة وفتحت لهم آفاقاً أرحب للحضور العالمي ولدينا العديد من الأسماء الفنية التي اندفعت نحو هذا الأسلوب الحديث وهرولت وبقوة أيضاً خلف كل تبعاته ومشاهده حتى أدى ذلك إلى انحسار حضورها المحلي وربما غيابه تماماً.
عموماً لن نستبق الأحداث ولن نغلب رأياً على آخر لأن في الكل جوانب إيجابية وفي الكل أيضاً جوانب بحاجة إلى تطوير ومعالجة لكن الزمن كفيل أيضاً بأن يفرض الصح نفسه شئنا أم أبينا.. دمتم بخير.
sada-art@hotmail.com