المدينة المنورة هي عاصمة الإسلام الأولى، وهي أكثر مدينة يزورها المسلمون من شتى بقاع الأرض بعد مكة المكرمة، وهي مدينة تتميز بروحانيتها وسماحتها وبركتها بدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لها بالبركة في صاعها ومدها.
وقد أولت قيادتنا الرشيدة المدينة اهتماماً خاصاً للمحافظة على هذه الخصائص التي حباها الله لمدينة المصطفى، فعملت كل ما من شأنه راحة زوار طيبة الطيبة، غير أن هناك بعض الممارسات التي لا تصب في هذا التوجه الحكيم ولا تتناسب مع أريحية المدينة في استقبال زوارها.
ومن أهم هذه الممارسات أو الظواهر التي تقابل الزائر عندما يحط في مطار المدينة ظاهرة تأجير عربات نقل العفش بطريقة تختلف عن مطارات المملكة الأخرى..
فالمعمول به في مطاراتنا أن الراكب له الخيار في أخذ عربة مجانية لنقل عفشه إذا أراد أن يقوم بذلك بنفسه، كما يمكنه أن يستأجر عاملاً مع العربة وعليه أن يدفع أجرة العامل..
أما في مطار المدينة فإن المسافر إذا أراد أن يستخدم عربة دون عامل؛ فيلزمه أن يدفع رسماً إجبارياً قدره ريالان.
وقد يعتقد البعض أن هذا مبلغ رمزي لا يؤثر على الراكب؛ لكن الحقيقة غير ذلك إذا علمنا أن مطار المدينة يعبره ثلاثة ملايين راكب سنوياً حسب تقديرات مؤسسة الطيران المدني، وإذا افترضنا أن نصف هؤلاء المسافرين على أقل تقدير يضطرون لاستخدام العربات؛ فإن ثلاثة ملايين ريال تستقطع من زوار المدينة دون وجه حق!!
أما إذا أردنا أن نحسب الأجرة الكاملة للعربية مع العامل والمحدد بـ 8 ريالات أو 10 ريالات، فإن المبلغ المتحصل سنوياً مبلغ كبير جداً قد يصل إلى 20 مليون ريال أو أكثر، مما يوجب إعادة مراجعته، فلو كان خمسة ريالات مثلاً لكان مجزياً للعامل ومخففاً على المسافرين! لقد تطرق إلى هذا الموضوع المثير للاستغراب كثير من الكتاب، وكثير من المواطنين في مجالسهم الخاصة، بل إن بعضهم قد رفع شكاوى إلى مطار المدينة لإعادة النظر في هذه المسألة المريبة!
إلاّ أن كل استدعاءاتهم كانت تذهب أدراج الرياح، مما يؤكد أنها لا تصل إلى المسؤولين في رئاسة الطيران المدني، بل يتم وأدها في إدارة مطار المدينة، مما يثير التساؤل عن مدى تنفيذ الشركة المالكة لتلك العربات! إنني بهذا أضم صوتي إلى صوت أخي محمد بتاع البلادي الذي تطرق إلى هذا الموضوع في جريدة المدينة بتاريخ الأربعاء (15-4-1430هـ)، وأورد تفاصيل مثيرة حول هذا الموضوع، منها أن العمالة التي تسيطر على العربات تتمتع بحماية قوية من المسؤولين في المطار، حتى أن راكباً أجنبياً تم تهديده بسحب جواز سفره والتحقيق معه عندما اختلف مع العامل عند دفع هذا الرسم الذي ليس له ما يبرره لعربة دون عامل!
إن هذا الإجراء يثير عدداً من التساؤلات التي هي بحاجة إلى إجابة، كما أنها بحاجة إلى تدخل المسؤولين في رئاسة الطيران المدني، وهذه التساؤلات هي:
- بأي حق يفرض هذا الرسم الإجباري على زوار مدينة رسول الله؟.
- من هو المسؤول الذي فرض هذا الإجراء؟ وما هي مبرراته؟
- لِمَ ينفرد مطار المدينة في هذا الإجراء دون غيره من مطاراتنا؟
- من هو المستفيد الحقيقي من هذا المورد المالي الكبير؟
- ما هو مصير الشكاوى والكتابات السابقة بشأن هذا الموضوع؟
إن ظاهرة بهذه الغرابة، وبهذا الحد من الاستغلال ليس من اللائق أن توجد في مطار المدينة الشريفة الذي يعد أحد أهم المنافذ الروحانية لبلادنا المقدسة.. فهل تستجيب إدارة رئاسة الطيران المدني لهذه النداءات وتحقق في هذه القضية، وفي مصير الشكاوى السابقة؟