كثر الحديث والجدل في الآونة الأخيرة عن المرأة وقضاياها في مجتمعنا، وبدأت الاتهامات تكال بين الأطراف، وندر ما نجد بينهما الطريق الوسط، فبين متشدد لا يرى للمرأة وجوداً إلا تحت غطائها وبيتها، وبين متحرر لا يرى لها قيمة إلا بانسلاخها من سترها.. والغريب في الأمر أن هذه المعركة لا تشارك فيها المرأة وهي المعنية بالأمر.. ويحق لي أن أسأل هنا: لِمَ هذا الصمت من المرأة؟

أمام هذا الصمت نحى تفكيري منحيين مختلفين في طريقة تفكير المرأة وموقعها من الإعراب في هذا الصراع على قضيتها.

فإما أن تكون قد اعتادت الخضوع تحت جناح الرجل لا تلوي على شيء، له الأمر في شؤونها وكل ما يعنيها وليس لها من الأمر إلا الرضا بما جناه، وافق هواها أم لم يوافق.. فقد أصابها الخرس الطوعي أو الإكراهي وأسلمت تفكيرها ولسانها وقلبها لمن ترى فيه أنه المعني بكل هذا ولم يبق لها من كل هذا إلا أن ترقب النتائج وترى الطريق الذي تشير إليه بنان الرجل فتسلكه..

وإما أن تكون قد تجاوزت كل هذا الجدل وتركت ساحة المعركة إلى ساحات العمل.. العمل بصمت والاستمتاع بمشاهدة المعركة بين الطرفين من مكان مرتفع.. وإشغال الرجل الذي كان يسبب العقبة والحاجز لها بمعاركه وإضعاف قواه ليفتح لها الطريق الذي تختاره هي دون وصاية أحد.. أيا كانت المرأة إلى هؤلاء أم إلى هؤلاء هذا شأنها، والسؤال لها والجواب لها.. لكن أن نشعر ولو لوهلة بأن أمرها بيدنا على الإطلاق سواء أكانت من عزز فينا هذا الشعور أو لم تكن فهذا أمر يحتاج منا إلى وقفة وتفكير..

فالمرأة أمٌ نُقبّل أقدامها.. وأخت نلين لها.. وزوجة نخبئ همومنا ودموعنا في قلبها.. المرأة حياة وجدناها تستقبلنا في الحياة.. هي أكبر من أن نتشاجر على حجابها وعملها وحقوقها متشبثين بحجة الخوف عليها أو بذريعة إتاحة الفرصة لها..

فالمرأة مذ ولدنا رعتنا ودلتنا على طرق الحياة حين كنا لا نفقه من حياتنا شيئاً، لن يثقلها أن تعرف طريقها ومسلكها..

فلنترك القرار لها؛ فقد نشأت في بيتنا وأكلت من أكلنا وتربت في بلدنا، لا أظنها ستكون شذوذا يخالف هدفنا (النبيل) إن كنا بحق نرمي لهدف نبيل في كلا الطرفين..