Al Jazirah NewsPaper Thursday  16/04/2009 G Issue 13349
الخميس 20 ربيع الثاني 1430   العدد  13349
 
شيء من
صحة جيزان وتصرف رئيس المؤتمر
محمد بن عبداللطيف آل الشيخ

 

نشرت جريدة الجزيرة يوم الأحد الماضي خبراً مفاده أن رئيس اللجنة المنظمة لمؤتمر الدم في جيزان قام بطرد الزميلة سمر رباح من خشبة مسرح مستشفى الملك، بحجة عدم (تنقبها)، وعدم التزامها بالمداخلة من المكان المخصص للنساء، على الرغم من نداء مذيع الحفل الزميلة الإعلامية إلى المسرح، لتقديم ورقة بعنوان (الدور الإعلامي في التواصل مع المصابين بأمراض الدم الوراثية).

اعتذرت صحة جيزان لاحقاً عن هذه الممارسة المشينة، ونص خطاب الاعتذار على أن (أحد المشرفين على المؤتمر قام بتوجيه الدعوة للزميلة سمر رباح لتقديم ورقة عمل في المؤتمر دون الرجوع أو التنسيق مع رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر مما تسبب في عدم إدراج اسمها ضمن أوراق العمل التي ستقدم). ويواصل الخطاب (وصحة جازان تقدر تجاوب الزميلة الإعلامية وتشكر لها تقيدها بتعليمات مشرف المؤتمر وتقديم ورقتها من مكان جلوسها وتعتذر اللجنة المنظمة للمؤتمر عما حدث لها بسبب هذا الخطأ الفردي)، ولم يحدد الخطاب من هو صاحب الخطأ الفردي؟ من الواضح أن صحة جيزان -كما في الخطاب- أمسكت العصا من المنتصف، وتلمّست العذر للطبيب رئيس المؤتمر، في حين كان يجب أن تدينه على تصرفه مباشرة ودون مواربة.

فكما تشي الصورة التي جاءت في خبر الأحد أن رئيس المؤتمر طرد السيدة الإعلامية المشاركة بطريقة (مسرحية)، ومهينة، وليس لها علاقة بحسن التعامل، فضلاً عن أن مقترف هذا الأسلوب المهين طبيب، يفترض فيه أن يكون أرق الناس، وأرحمهم، وأحرصهم على حسن التعامل، وتقدير (الحالة) و(تشخيصها) بعيداً عن الانفعال، والعنتريات، والتصرفات الذكورية، التي (تعاني) منها المرأة وما تزال، أشد وأقسى المعاناة.

وحتى لو افترضنا جدلاً -كما جاء في الخطاب- أن ثمة خطأ في دعوة الزميلة إلى خشبة المسرح لتقديم ورقتها، فهي لم تبادر بهذه الخطوة من تلقاء نفسها، وإنما بدعوة من أحد المشرفين على تنظيم المؤتمر، الذي يتربع (سعادته) على قمة هرم تنظيمه، فلماذا يتجاوز السيد رئيس المؤتمر ذلك، و(يُمسرح) الطرد بطريقة استعراضية، ويجعل من المرأة (ضحية) لثقافته المتزمتة، التي يبدو أن سلطتها امتدت لتفترس (إنسانيته)، وتحيله من طبيب إلى (ممثل) للثقافة الذكورية على خشبة المسرح.

الغريب أن الطبيب رئيس المؤتمر يعمل في مستشفى، وإلى جانبه تعمل المرأة، كطبيبة، وكممرضة، وكإدارية، فما الذي جعل العمل (المختلط) في المستشفى جائز، بينما أن هذا المؤتمر المتفرع عن العمل الطبي، والذي لا يختلف (إطلاقاً) عن العمل في المستشفى، يمنع فيه الاختلاط، وتقمع فيه المرأة، وتهان، بهذه الطريقة المخجلة.

الأمر الآخر، والمهم هنا، والذي يصب في خانة (كيف كنا وكيف أصبحنا) أن كل مدن المملكة، دون استثناء، منذ أن عرفت المستشفيات، يعمل فيها الرجل والمرأة جنباً إلى جنب، ولم يذكر تاريخنا أن ثمة اعتراض من العلماء وطلبة العلم على ذلك. مستشفى الملك سعود في الرياض -مثلاً- عالج فيه كثير من العلماء، ورقد بعضهم على الأسرة البيضاء، وكان يتولى (تمريضهم) نساء، ولم يذكر أن عالماً أو طالب علم أو واعظاً (اعترض) على ذلك، وطرد الممرضة من غرفته، فما الذي تغيّر؟

هل كان آباؤنا -مثلاً- متساهلين في أمر الدين ليأتي هذا الطبيب وأقرانه، ليصححوا خطأ العلماء قبل الصحوة.

إلى اللقاء.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6816 ثم إلى الكود 82244
التعليق

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد