الجبيل - ظافر الدوسري:
اقترح خبير اقتصادي توفير10% من الإيرادات النفطية واستثمارها في قطاعات الإنتاج الصناعي لضمان تحقيق إيرادات توازي إيرادات النفط بعد 10سنوات تخفيف حدة اعتماد الدولة على إيرادات النفط. وقال الأستاذ فضل بن سعد البوعينين الكاتب والخبير الاقتصادي إن المملكة المتحدة قررت توفير10 في المائة من ميزانيتها الموجهة لشراء النفط كل عام وتحويلها إلى صندوق استثماري، يهتم بتوفير بدائل فعالة للطاقة والاستغناء عن نفط الخليج في غضون 10 سنوات.. مشيراً إلى أن دولة الكويت نجحت في تحقيق عوائد مالية سنوية مقاربة لإيراداتها من النفط قبل الغزو العراقي للكويت، من خلال (صندوق الأجيال القادمة).
وقال البوعينين إن الفرصة باتت متاحة في هذه الأزمة التي توافرت معها الفرص الاستثمارية وانخفضت بسببها تكاليف البناء والتشييد، في الوقت الذي تتوافر لدينا احتياطات ضخمة.
وذكر البوعينين خلال محاضرة عن الأزمة المالية العالمية قدمها في لقاء الغرفة التجارية بالجبيل الشهري مساء الثلاثاء أن إبقاء ربط الريال بالدولار قرار صائب، ولا يمكن التفكير في تغيير سياسة الربط طالما أن النفط مقوم بالدولار، ولكن خلق سلة عملات يمكن أن يساعد في تحقيق استقرار أكبر وتوازن منطقي في الاحتياطات النقدية لمواجهة متغيرات الظروف, مشيراً إلى أن إصدار العملة الخليجية الموحدة يعد أكثر قوة ومتانة من العملات المتفرقة وربطها بالدولار الأمريكي ولا يمنع من ربطها بسلة عملات يشكل فيها الدولار النسبة الأكبر, كما أنها ستساعد في تعزيز السوق الخليجية المشتركة وتسمح بتناقلات الرساميل بكل حرية بين الدول الأعضاء.
الأسهم سوق مغلقة أمام الاستثمارات الأجنبية
استنكر فضل البوعينين تأثر سوق الأسهم بالأزمة المالية، وقال إنه أمر لا يمكن القبول به على اعتبار أن سوق الأسهم مغلقة أمام الاستثمارات الأجنبية وأن جميع شركات موجه إلى الداخل عدى قطاع البتروكيماويات.. مبدياً تفاؤله بمستقبل السوق الاستثماري لوجود الكثير من الفرص التي تحتاج إلى وقت لتحقيق الأرباح المجزية.
وفي سؤال عن أيهما أكثر أهمية للمملكة السوق الأمريكية أم الآسيوية قال فضل البوعينين إن السوق الأميركية أكثر أهمية للعالم أجمع لأنها اكبر الأسواق العالمية من حيث الإنتاج والاستهلاك. وفي نموها ضمان لخروج العالم من الأزمة، وزيادة الطلب على السلع والخدمات، وانفراج للأزمة المالية, كما أن نمو الطلب العالمي على النفط على علاقة مباشرة بالسوق الأميركية، إضافة إلى الأسواق الأخرى.
ورداً على كيفية تحقيق المصارف نموا في أرباحها رغم الأزمة. قال فضل إن دعم الدولة وتوفير السيولة اللازمة لها وتخفيف ودائع المصارف النظامية لدى مؤسسة النقد، وخفض سعر الريبو إلى أدنى مستوى، وربط ودائع مؤسسة النقد في المصارف المحلية والسماح للبنوك بالاستمرار في الإقراض بمستوى فائدة قريبة من أسعار ما قبل الأزمة ما ساعد على تحقيق أرباحا ساعدت المصارف في مواجهة تداعيات الأزمة العالمية.
فضلاً عن احتفاظ المصارف باحتياطات مالية كافية لمواجهة الخسائر المتوقعة في المحافظ الاستثمارية في ميزانية 2008 جعلت المصارف تبدأ سنتها المالية أكثر قوة ومتانة وتحررا من مشكلات المحافظ الاستثمارية.. لافتاً إلى أن تلك الإجراءات انعكست على ربحية المصارف حيث شهدت أرباحها المجمعة نموا في شهري يناير، و فبراير بنسبة 18% و12% على التوالي، أي بما يزيد عن 6 مليارات ريال.
وأوضح البوعينين أن المصارف زادت في أنشطتها الائتمانية، ولم تخفضها، على العكس مما يشاع في السوق.. لافتاً إلى أن الائتمان المصرفي سجل في شهر فبراير من العام 2009 نمواً سنويا بلغ 15 في المائة مقارنة بنفس الفترة عام 2008, كما سجل حجم الائتمان لشهر يناير الماضي 738 مليار ريال، مقارنة بمبلغ 611 مليار ريال في يناير 2008 وهو ما يدل على استمرار النشاط الإقراضي وعدم تأثره بالأزمة العالمية.
صمود المصارف الإسلامية
في عاصفة الأزمة العالمية
أشاد البوعينين بالوضع المالي للمصارف الإسلامية، وقال إن من بين حطام الأزمة ظهرت المصارف الإسلامية وكأنها خارج محيط الزلزال العالمي.
ونجحت المصارف الإسلامية في تجاوز الأزمة، كون المعاملات الإسلامية تضمن، بعد الله عدم التعرض إلى مثل هذه الهزات المالية العنيفة، خاصة فيما يتعلق بالمشتقات وبيعها مرات عديدة ما يؤدي إلى تضخم الأسعار مقابل الأصل الحقيقي، وهو ما حدث بالفعل في أزمة الرهونات العقارية. وبين أن فلسفة المصارف الإسلامية تقوم على مبدأ أن الأموال ما هي إلا وسيلة، لا غاية، لذا تمتنع من تقديم التعاملات المحرمة التي تقوم في الأصل على الفائدة الربوية، وتستعيض عنها بعقود إسلامية من بينها عقود المرابحة والمضاربة والإجارة والإستصناع وغيرها من العقود المباحة شرعا.
وبذلك تضمن المصارف الإسلامية وجود أصول حقيقية للأموال المدفوعة، ومشاركتها المستثمرين في هذه الأصول وفق العقود الإسلامية المختلفة.
قراءة مستقبلية
تناول المحاضر مستقبل الاقتصاد العالمي بعد الأزمة الحالية والنظرة التشاؤمية، وقال انه يمكن القول إن الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية هي أشد الأزمات العالمية منذ (الكساد الكبير)، ورغم التشاؤم الكبير بمستقبل العالم الاقتصادي يعتقد فضل البوعينين أن تتجاوز اقتصادات العالم الأزمة الحالية العام 2010 الذي يمكن أن يكون بداية تحرر العالم من قيود الأزمة العالمية.
وفيما يخص الاقتصاد المحلي، اعتبر البوعيين أن الخطوات المتخذة لمعالجة تداعيات الأزمة أبقت الاقتصاد في منطقة آمنة نسبياً، وباستطاعته البقاء كذلك لو امتدت الأزمة، إلى ما بعد العام 2012. وقال (الاحتياطات المالية الضخمة يمكن أن توفر للدولة موردا ثابتا وقت الأزمات، وهو أمر أستبعد الرجوع إليه إذا ما استمرت أسعار النفط فوق مستوى 40 دولارا للبرميل.. العجز المتوقع في ميزانية العام الحالي يُعتقد بأنه سيتحول إلى فائض قياساً بمتوسط أسعار النفط، وحجم الإنتاج المحلي للربع الأول من العام الحالي).