سمعتها تئن كثيراً، ما كنت ولا أحسب أنني سأملك لها وسيلة لنطاسي بارع، أو معالج حاذق، لست وحدي من يدعي ألم الحمل الكبير الذي تورمت به مخيلاتنا بل ضمائرنا، لآلامها التي جعلتها تتكسر، ولا من يعالج هشاشتها، وتتشتت ولا ما يلم شعثها، وتغترب ولا من يحمل لها بوصلة سليمة لمفازات النجاة، ونحن في زمن الهويات، والتنابز نعجز أن نسدل على حياضها سترا من شجر الحماية كي نصد عنها الأوبئة فلا تختنق بها، أو نمد لها بسط الأمان فلا تنزلق، أو نظلها بروح الحراسة فلا من يقتحم عريشتها وعرينها،... ما نملكه لها حفنة كلام، بعضه يلقى في الطرقات ومع مئات الآذان المارة اللاقطة له غير أن أحداً لا يفعل لانبهاره بغيرها، ونكتبه لنلقيه في مراسم الأكاديمية ومنصات التعليم وبين السادة المثقفين من نخب الطبقات النبيلة المعتمرة قبعات الدرجات وأوسمة القرارات، لكن النبلاء لا يسمعون إلا بآذان صبت فيها أصوات كثيرة لرموز العصرنة اللاهثة في معية التغريب، ووحدها جثة تشكو وخزاتها تنطوي بها الأضابير وتتعلق نحوها الأهداب في طياتها، ونصرخ به على أعمدة المقالات في الوسيلة الأكثر جاذبية والأقرب لنظر الجماعة، الخافقة بنبضاتهم المشفعة بحركة يومهم وهسيس حاجاتهم، فيتقلبون مع ما نقول كما تتقلب الآهة في الصدور، ولسان حالهم: هه هه سمعناكم تقولون فقلنا، وتبقى هي القوية الضعيفة، السور والأنقاض، الجرح والعلاج، المريض والطبيب.. ونبقى نتفرج على رمقها وندرك أن الحياة لها، ونسمع أنينها واليقين بتصديحها، و.. لله درك يا أبا أوس، الأستاذ اللغوي النابه الدكتور إبراهيم شمسان، وأنت تكشف لثام فمها يوم الخميس الماضي13-4-1430 في الثقافية: (سعي للجودة أم سعي للتغريب),.. وكثيراً ما تحدثنا عن اغترابها، عمن يضع الإسفين في سفينة الإنقاذ، منذ حل في البحر مارد، وطوَّف في الجو وباء, على مستوى مجرى الأنفاس للسان الذي يتزيا بوسمها.. ترى هل اللغة العربية في جامعة الملك سعود وبقية مؤسسات التعليم، ومن ثم في مؤسسات المجتمع سيكون لها أن تتسيد للقوة والتدرع، أم ستشبه بحبل الساقية كلما طال الدوران انحل فانقطع..؟ وكلما اتسع الغروب زادت ظلمة الماء..؟.