ابها - عبدالله الهاجري:
قدم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير رؤيته ومعها قناعاته عن العمل الخيري في المملكة وقال إنه عنوان بارز وذو تأثير مباشر على البناءِ الاجتماعي الوطني بسبب بذرةِ الخيرِ التي نلمسُها في أبناءِ هذهِ البلاد التي نشأتْ على البرِّ والتقوى وتسلَّحت بوشائج التكافلِ والمواساة، وبسبب الوفر المالي والاقتصادي الذي يجعل من مؤسساتِ العملِ الخيري السعودي ذراعاً ضخماً لكلَّ الحيز الجغرافي من حولنِا، بكلَّ ما لهذه الإشارة من دلالات وبشارات وما عليها من تبعات.
وأكد أمير عسير في كلمة القاها امس لدى تدشينه أعمال المنتدى العالمي للعمل التطوعي في ابها، أن العملَ الخيري والتطوعي علم إدارة وتخطيط واستشارات لا مجال فيه للاجتهاداتِ الفرديةِ، وأنَّ مؤسساتَ العملِ الخيري والتطوعي تحتاجُ إلى مزيدٍ من الشفافيةِ والوضوح في مدخلاتها ومخرجاتها بقدر ما تحتاجُ إلى توسيعِ قاعدةَ الإشرافِ عليها لتشمل كافة الشرائحِ الاجتماعية المؤثرة، مشيرا سموه الى أن بذرةَ الخيرِ المزروعَة في قلبِ الإنسانِ السعودي تتعدى حدودَ الجهادِ بالمال في منافذ الخير المشرعة إلى الخدمة بالنفس والجهد للآلاف الذين يريدون خدمةَ مجتمعهم للعمل التطوعي في أوقاتِ الكوارثِ وحتى في أوقاتِ المناسباتِ الوطنية الكبرى.
وكان سمو أمير عسير قد رعى صباح أمس الثلاثاء بفندق قصر أبها حفل التدشين الرسمي لأعمال المنتدى العالمي للعمل التطوعي بحضور عدد من الشخصيات المهتمة بالعمل الخيري ومن أبرزهم رئيس وزراء ماليزيا السابق الدكتور محاضير محمد، ورئيس شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ صالح الحصين ووزير الشؤون الاجتماعية يوسف بن أحمد العثيمين.
وفور وصول أمير عسير كرم المتحدثين في المنتدى، اثر ذلك افتتح سموه المعرض المصاحب والذي يتكون من عدد من الأجنحة المختلفة يتقدمها جناح مؤسسة الملك خالد الخيرية وأجنحة الأعمال التطوعية والمنظمات الاغاثية والجمعيات الخيرية وشركات تصميم المواقع ودور الاستشارات المالية والقانونية ومراكز التدريب والجامعات.
بعد ذلك شرف سمو الأمير فيصل الحفل الخطابي المعد بهذه المناسبة حيث ألقى أمين عام المنتدى إيهاب ابو ركبة كلمة أكد فيها تقديم أكثر من 30 ورقة عمل في جلسات علمية وتحاورية على مدى ثلاثة أيام، بالإضافة إلى ورش عمل، مبينا انه حاضر في المنتدى وسيحاضر في باقي أيامه أكثر من 40 خبيرا وأكاديميا يمثلون 16 دولة.
من جانبه أكد نائب المدير العام لمؤسسة الملك خالد الخيرية رياض العبد الكريم، في كلمة له، أن انعقاد المنتدى العالمي يعكس رعاية مؤسسة الملك خالد لهذه الأعمال العلمية، مشيرا إلى أن عمل المؤسسة لا يقتصر على الرعاية فقط وإنما يمتد إلى مختلف أوجه العمل التنموي من خلال بناء القدرات الوطنية وتنميتها، مضيفا (من اجل تحقيق ذلك عقدت المؤسسة اتفاقا مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا لتنمية المجتمعات المحلية (آسيا الاسكو) لتنظيم دورات القدرات الوطنية في المملكة إلى جانب عقد اتفاق مع جامعة كولومبيا الأمريكية لتنمية قدرات الكفاءات الوطنية في العمل الخيري)، وأكد سعي المؤسسة إلى تنسيق جهود المؤسسات العاملة في المجال الخيري حيث أسست بالتعاون مع مؤسسة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الخيرية ومؤسسة الأميرة العنود الخيرية مجلسا تنسيقا لتحقيق هذا الهدف، مشيرا إلى تأسيس المؤسسة مركزا للدراسات والبحوث لتسهم علميا في مسيرة نهضة المملكة.
وأكد العبدالكريم أن أعمال مؤسسة الملك خالد لاتقف على دراسة أو تخطيط البرامج الريادية وإنما خصصت جائزة تحمل اسم الملك الصالح خالد بن عبد العزيز يرحمه الله للأعمال الإبداعية في فروع أربعة هي: التنافسية المسئولة من شركات القطاع الخاص ونحو خدمة المجتمع وفرع الانجاز الوطني وفرع للعلوم الاجتماعية ورابع للمشروعات الاجتماعية.
اثر ذلك القى وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين كلمة أكد خلالها أن جانبا من الأعمال التطوعية ما زال يدور في فلك أساليب تقليدية في الشكل والمضمون مؤكد انه لا يواكب مستجدات العصر ولا ضرورة المرحلة معبرا عن أملة في ان يسعى المنتدى إلى تحقيق مفاهيم العمل التطوعي ومواكبة المستويات العالمية في مجالات الاعمال التطوعية، واكد العثيمين ان العالم من حولنا يمتلك تجارب وخبرات تراكمت خلال سنوات منوها بأهمية السعي للاطلاع عليها ودراستها للاستفادة منها بما يتناسب مع ظروفنا وتقاليدنا الدينية والاجتماعية.
وفي كلمة توجيهية ألقاها رئيس شؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ صالح الحصين أشاد بريادة مؤسسة الملك خالد الخيرية في ابتكار المشاريع الرائدة ومنها هذا المنتدى الذي جاء نتيجة افكار المؤسسة المباركة، وقال الحصين ان البذل التطوعي لدى كل الشعوب وكل العصور وإذا كانت الأنانية نتاج الدافع الفطري عند الإنسان فلماذا لا يكون البذل والعمل التطوعي دافعين قويين لدى الإنسان.
اثر ذلك القى أمير منطقة عسير كلمة قال فيها: يشرفني في البدءِ أن ارفعَ لقائد هذه البلاد وإمام مسيرتِها الميمونةُ المباركة خالصَ التهنئةِ في حدثين من أنباء هذا البلدِ المبهجة:
الأول: خالص التهنئة بشفاءِ سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وهو يقتربُ إلينا لابساً ثوبَ الصحةِ التي لا أخالَها إلا صحةً لوطنٍ وبلسماً لأمة..
الثاني: في الثقةِ السامية العليا بتعيينِ سيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايفُ بن عبدالعزيز نائباً ثانياً لرئيس مجلسِ الوزراء وهي ثقة وَطنية شاملة لقامة خدمت وطنها بكلَّ الإخلاصِ والكفاءة.
أيها الإخوة: أحييكمُ اليومَ في مدينةِ أبها وقلبِ منطقةِ عسير وأنا في كاملِ الإيمان أن موضوع الندوةِ المطروح على طاولةِ النقاش والبحثِ يعد من أبرزِ وأخطرِ العناوين ذات التأثيرِ المباشرِ على البناءِ الاجتماعي الوطني لسببين متلازمين:
أولهما: لبذرةِ الخيرِ التي نلمسُها في أبناءِ هذهِ البلاد التي نشأتْ على البرِّ والتقوى وتسلَّحت بوشائج التكافلِ والمواساة.
ثانيهما: للوفرِ المالي والاقتصادي الذي يجعل من مؤسساتِ العملِ الخيري السعودي ذراعاً ضخمة لكلَّ الحيز الجغرافي من حولنِا بكلَّ ما لهذه الإشارة من دلالاتِ وبشاراتِ وما عليه من تبعات.
ودعوني باختصار اعرض عليكم رؤيتي وقناعاتي نحو العملِ الخيري والتطوعي:
أولاً: فأنا اليوم في كاملِ القناعةِ أن العملَ الخيري والتطوعي علم إدارةِ وتخطيط واستشارات لا مجال فيه للاجتهاداتِ الفرديةِ التي نقدِّر منها نوايا وجهد العاملين به، ولكن تشابكات المجتمع وتعقد تركيبة اليوم لم تعد تسمحُ لغيرِ العملَ المؤسساتي بالتصدي لهذه المهمة الجبارة. لقد خسرَ العملُ التطوعي كثيراً بسبب قلة من المتسللين الذين أساؤوا استخدامَ هذا العملِ الإنساني لأهداف مشبوهة لا تخفى على احد وبالتالي قد أدى إلى فقدانِ المجتمعِ الثقةَ بهذه المهمةِ الإنسانية..
ثانياً: أنني اليومَ على يقين من أنَّ مؤسساتَ العملِ الخيري والتطوعي تحتاجُ إلى مزيدٍ من الشفافيةِ والوضوحْ في مدخلاتها ومخرجاتها بقدر ما تحتاجُ إلى توسيعِ قاعدةَ الإشرافِ عليها لتشمل كافة الشرائحِ الاجتماعية المؤثرة كي تستعيدَ الثقةَ الاجتماعيةَ كاملة ًغير منقوصة، كما أن هذه المؤسسات تستحقُ كلَّ الثقةِ، فإن عليها أيضا أن تمنحَ الثقةُ في الجميع ليكونوا شركاءَ في الإدارةِ والإشرافِ، كي نحققَّ المعادلةَ الصعبةَ السهلةَ في أن يكونَ العملُ الخيري من المجتمع ِإلى المجتمع وتحت عيونِ كاملِ المجتمع.
ثالثاً: إنني مؤمنُ أن بذرةَ الخيرِ المزروعَة في قلبِ الإنسانِ السعودي تتعدى حدودَ الجهادِ بالمال في منافذ الخير المشرعة إلى الخدمة بالنفس والجهد للآلاف الذين يريدون خدمةَ مجتمعهم للعمل التطوعي في أوقاتِ الكوارثِ وحتى في أوقاتِ المناسباتِ الوطنية الكبرى التي تحتاجُ منها الأجهزةُ الرسميةْ إلى مشاركاتِ الشرائحِ الاجتماعيةِ من طاقاتِ الشباب تحديداً في مباشرةِ الفكرة التطوعيةِ والخدمة الاجتماعية لكثير من أولئك الذين يستطيعون تقديم العرق والنفس حين يَقصُر بهم تقديمَ المالِ والتبرع.
دعونا من هذا المكانِ نقدمُ لهؤلاءِ الفرصةَ الشاغرةَ في مشوارِ العمل التطوعي والخيري ولو لم نخرجْ من هذا المنتدى إلا بهذا المشروعِ العملاقْ لاكتفينا منه بهذه المبادرةِ الوطنية..
أتمنى لكم التوفيق مثلما لكم جميعاً كامل دعمي بكل ما تتوصلون إليه.
بعد ذلك جرى تكريم الجهات الراعية والمشاركة في المنتدى، وتسلم أمير عسير هدية تذكارية بهذه المناسبة.