الحمد لله الذي وفق لنشر سنة نبيِّه من كان بها حفيَّا، ولها ناصرا ومعليا ووليَّا، وأصلِّي وأسلِّم على المرسل رحمة للعالمين، وبرَّا تقيا، نبيِّنا وقدوتنا وحبيبنا محمد من أنزله ربُّه مكانا عليَّا، وآله وصحبه الذين أجروا لقصَّاد السنة بحرا سريا، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا أيها القرّاء الكرام، ببالغ البهجة والسرور، والاغتباط والحبور، أزجي لكم فيضا من المشاعر حيال هذه السانحة الكريمة، جائزة سمو الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الجائزة العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة في دورتها الرابعة، فلا شك أنها مناسبة سارة بهيجة، بأنفاس السنة الزكية قد تبلجت، وبطيوب التنافس النزيه قد تأرَّجت، وعلى ثرى طيْبة الطيِّبة سَرَت وأدلجت، ولمثل هذه المنازل الزاكيات والجوائز الباهرات تنتخب غرر المباني لوصف مآثرها، وتصطفى جواهر المعاني لرصف مفاخرها وبشائرها؛ رنوّا للمعالي وحفزا للعزائم، ونبذا للتقاعس أو الهزائم، ومباركة للخطوات السديدة الرشيدة التي تستشرف الآمال السعيدة، والطماح المجيدة. ذلكم - يا محب - الإجمال والنص، ودونكم التفصيل، بل أخص.

إخوتي القراء الأعزاء: إنَّ الأمة العالمة المنصورة، هي التي تعظم الوحيين الشريفين، حالا ومقالا، اعتبارا وفعالا، وتجعلهما أملها الخالد الصاف على أديم الخضراء، ومجدها الراف إلى أجواز الجوزاء، وكم هي الجوائز المشرقة التي رصدت لخدمة الكتاب والسنة، لكن تأتي هذه الجائزة المشعّة واسطة عقد تلك الدّرر البهية، وتكتسب هذه الجائزة أهميتها من محورين رئيسين:

الأول: أهمية اختصاصها.

والثاني: شخصية ومكانة رائدها.

أما شرف اختصاصها فليس أجل ولا أعظم، ولا أرفع ولا أكرم، من حديث المصطفى وسنته المباركة صلى الله عليه وسلم، وأما شخصية رائدها فإنه رافع لواء الأمن، والساعي في كل عمل خيري، ومشروع إنساني، الذي غطى بره الآفاق وفاق.

إنَّ جائزة الأمير نايف للسنة النبوية، والعلوم الإسلامية المعاصرة، قد هفت لذلك وأعنقت، إذ هي جائزة مباركة شماء، فريدة في نوعها، سامية في أهدافها، نبيلة في مقاصدها، إنها رعاية أبوية ولفتة تربوية، ومنارة علم، وكوكب معرفة، وشمس تنير طريق السالكين، في معراج سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم، إنها مشروع خيِّر، يسهم بإذن الله في معالجة الغلو وهداية الشباب إلى المنهج الأقوم، والطريق الوسط، إنها مطمع كل مجتهد، ومعتدل ومُتَّئِد، ولئن تسابق الناس بالأقوال، فقد بزّهم - رعاه الله - بالحال والفعال.

إن هذه الجائزة دعوة للعالم لإظهار محاسن الإسلام، وهدْي خير الأنام صلى الله عليه وسلم، ونبذ التطرف والإرهاب، وإشاعة الرحمة والوئام، والحب والسلام.

إنها جائزة حفيلة بكل معاني التقدير والإجلال للعلم والعلماء، وقد غدت - وهي في يفاعها - من الجوائز المرموقة السائرة دوليا وعالميّا. وإن هذه الجائزة بفروعها الثلاثة وباستغراقها وشمولها للمراحل العمرية لأحبتنا الشباب وفتياتنا الكريمات من دول متعددة، لهي مطية فيحاء سنية، لنشر سُنة الحبيب صلى الله عليه وسلم، وإحياء اللفظ الشريف المحمدي، والنَّفَس الغالي النبوي. وليس بعزيز أن تتفتق الأكمام الفواحة لهذه الجائزة في بلاد الحرمين الشريفين، وهي الأنموذج المحتذى - بحمد الله - الذي يتمثل في أنظمته، ويتغيى في دستوره، شرع الله - تبارك وتعالى - القائم على الأصلين الشريفين: القرآن الكريم، والسنة المطهرة التي عُقدت فيها هذه التنافسات، والإمكانات، وانتخبت للعناية بها المواهب والملكات.

وإنَّ الحُب الريان الطَّهور من لدن سمو الأمير نايف النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية - رعاه الله وزاده توفيقا - لمِشكاة النُّبوة، وكَلِمِها الطيِّب المبارك، لم تترجمه هذه الجائزة العملاقة - جعلها الله خالصة لوجهه الكريم، بمنه وجوده - بل تعدَّاها لنشر دواوينها الأصيلة، ومطولاتها الحفيلة، وعقد المنافسات البحثية المميزة المبدعة، وتلك الآمال الكبار، التي نعيشها بكل تشوُّق سار، لايَنْهَد لها إلا من وفَّقه الله من ذوي الهمم العالية في حب الخير، ورفع مناره، ونشر العلم ومؤازرة أنصاره. وإنا لنحسبه - ولانزكِّي على الله - من الأفذاذ الذين يعملون في صمت، ويدأبون في سكون، من الأفذاذ الذين تؤرقهم قضايا أمتهم عموما وشبابها خصوصا في سعي حثيث لنشر الأمن والسلام في المعمورة، ونشر الأمن الفكري، عبر قلاع المعاهد والجامعات، وميادين الدراسات والمؤلفات، ولايُغدِق ذلك الحب والإجلال لسنة النبي المختار صلى الله عليه وسلم، إلا في نفس على الطُّهر ارتسمت، وبالصفاء الهامي اتسمت.

لقد آن الأوان عبر هذه الجائزة الرائدة، أن نتعرف موقعنا الحقيقي من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وسيرته العطرة، بل من العالم أجمع، وأن نعلنها مدوية خفاقة، أن أمتنا أمة عزة ورسالة، وما في يمينها من نور الوحيين، هو السراج الوهاج، لإنقاد أنفسنا، مما نحن فيه، ولإنقاذ العالم من ظلمات بغيه ووحشيته، وتعديه وعنجهيته، ولن يبتبلج نور الصباح، ويعبق شذا الأقاح، إلا بالعودة المخلصة للدين الحق الوضاح. قال صلى الله عليه وسلم : (تركت فيكم اثنتين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي) أخرجه الإمام مالك في موطئه والحاكم في مستدركه.

وفي ختام هذه الكلمة أهنئ المملكة، وفي طليعتها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - وفقه الله لرضاه وأسعده بتقواه - وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيزآل سعود - وفقه الله وسدده - وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رائد هذه الجائزة ونِطاسِيِّها الملهم، أهنئهم جميعا، والعالم الإسلامي بهذا الإنجاز الحضاري العلمي الخالد، سائلا المولى أن يجزل حسناتهم، ويرفع في عليين درجاتهم، وأن يقيمهم موفَّقين لكل برٍّ وفلاح، ورشد ونجاح، وأن يسلكهم في أهل التقى والصلاح، كفاء ما يبذلون في خدمة دين الله، ونصرة عباده، إنه جواد كريم.