بريدة - غالب السهلي / الدوادمي - بندر الباهلي:
(من يلعب على من ؟)، ففي أحداث السوق النارية لمكائن الخياطة القديمة التي أخذت تجوب مناطق المملكة هذه الأيام يقف المرء في حيرة من أمره، حينما يسمع فقط عن أسعار خيالية تم بها شراء أعداد من هذه المكائن مرة في الجوف، وأخرى في سكاكا وثالثة في الرياض ورابعة في بريدة آخر محطات ترويج الشائعات.
وشائعة حاجة بعض التجار لهذه المكائن القديمة وخاصة التي تحمل ماركة معينة نقش عليها رسومات للأسد والفراشة قد انطلقت من الأردن عن طريق شخص يرى أنه يمتلك أعداداً منها قد تكدست في محله.
و(الزئبق الأحمر) المادة المطلوب البحث عنها في المكائن يرى أنها تستخدم في صنع الأسلحة المتطورة إضافة إلى ما يشاع عن ارتباطها بتحضير الجن القائمين بحراسة الكنوز المدفونة والقديمة، كما تشير بذلك بعض الأساطير القديمة إلى أنه وعن طريق الزئبق الأحمر يتم تسخير الجن لاستخراج الكنوز المدفونة والحصول على الأموال.
فما يمكن ربطه في القضية ولتصحيح المفهوم هو أنه قد تم إطلاق هذه الشائعة لغرض تفعيل أهمية المادة هدفاً في ترويج السلعة المتكدسة التي أصبحت بطريقتها البدائية غير مطلوبة للخياطين ومشاغل الملابس النسائية، ذلك أن هذا المجال قد طالته التقنية فضلاً عن أن المادة التي صنع منها جسم مكينة الخياطة هي الكوست آيرون وهو الحديد المصهور مع رمل الزهر كما يفيد بذلك صناع هذه الماركة من مكائن الخياطة الذين بدورهم نفوا وجود أية مواد مشعة أو فعالة في صناعتها؛ مما يبرهن على عدم وجود مادة الزئبق الأحمر نهائياً في جسم المكينة.
إلى ذلك لم يتم بالفعل مشاهدة حركة بيع وشراء قيمها تراوحت ما بين 10.000 و70.000 ريال كما هو متداول بين الناس، فكل ما يقال أو ينقل كلام فقط قد يبدأ في الوهلة الأولى بمبلغ زهيد ثم يرتفع بارتفاع نقل الخبر من شخص لآخر وهكذا.
وحينما يعمد إلى قياس نسبة مادة الزئبق الأحمر في كل مكينة مقابل مايدفع لها من مبالغ هائلة نجد أن المادة بسعرها المعتاد غير متساوية في حين أن سعر المكينة في السعودية مثلاً لايتجاوز الـ 300 ريال.
وتنقل المواطنون في أسواق الرياض القديمة بحثاً عن وسطاء لتجار مجهولين، حيث توجه العديد من السكان إلى هذه الأسواق لعلهم يبيعون بسعر خرافي، وما تأكد في سوق بريدة تحديداً الذي يقام من الصباح وحتى ساعات متأخرة من الليل تأكيد بيع النوعية المطلوبة بأسعار تفاوتت مابين 700 و1000 ريال فقط، وكانت مشاهدة وتم استلام مبالغها في حين رفض بعض الباعة بيعها بهذه الأسعار لعدم قناعتهم كونهم يعيشون أمل وصولها لمبالغ كبيرة، كما سمعوا بذلك، إذ رفض أحدهم البيع معللاً أنه ليس بأقل حظ من الذي باع في الجوف بـ 50.000 ريال فغادر السوق ليعاوده في اليوم التالي منتظراً التاجر الذي يقال عنه ولم يحضر بعد.
من جهة ثانية، استغرب العديد من تجار مكائن الخياطة وصول تلك المكائن لهذه الأسعار، وقالوا ربما تكون مندرجة ضمن (كذبة أبريل) لأنهم يرون أنهم أصحاب باع ولو كان للأمر حقيقة لبادروا بشراء تلك المكائن ومن ثم الاتجار بها.
والتقت (الجزيرة) مع أحد المواطنين في الدوادمي التي وصلها الخبر وهو عبيد بن سعد الرويس الذي قال: إن لديه مكينتي خياطة وان أحدهم أعطاه سعراً لم يرض عنه وهو مبلغ 5000 ريال وقال: (رفضت أن أبيعه لأنني أتوقع أن يصل السعر إلى أكثر من ذلك).
وأفاد بأن للجهاز مادة تسمى (الزئبق الأحمر) وهي التي ترفع سعر الماكينة والدلالة على وجودها هو تمرير الجوال عليها وعند اختفاء الإرسال تكون هي المطلوبة. والتقينا أيضا مع أحد المتجمهرين بالمحل ويدعى غزاي فلاح الرويس الذي أفاد أنه أتى إلى المحل ليتفرج ويتحقق من صحة الخبر الذي لا يرى فيه سوى إشاعة أطلقها البعض من الناس. وكان لنا أيضا لقاء مع العامل الهندي الموجود بالمحل وأفاد أنه من الصباح الباكر لم يجد وقتاً للراحة بسبب الوفود الكبيرة التي تفد للمحل.
وعند سؤالنا له عن صحة البيع بأفاد أنه لم يبع أي جهاز إطلاقا والأمر كله كلام في كلام, وجميع الأجهزة التي لديه كلها وضعت للتصليح وانه يتمنى أن تنتهي هذه المهزلة التي تداولها الناس.