«الجزيرة» - روضة الجيزاني
ينطلق في الرياض الأحد المقبل (منتدى الغد 2009) تحت عنوان (نحن والشباب شراكة)، ويرعى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض المنتدى الذي يناقش على مدى ثلاثة أيام تأثير المتغيرات المجتمعية والعالمية على الشباب، ويتحدث مشاركون من تخصصات متنوعة لـ 1000 مشارك وحاضر في المنتدى الذي تنظمه نيارة للمؤتمرات والمعارض، عن أساليب تفعيل الشباب في التنمية، والاستفادة منهم تخطيطاً وتطويع قدراتهم وإمكاناتهم، وخلق بيئة تحفيزية تلبي تطلعاتهم وتحقق أهداف التنمية المستدامة، التي يعد الشباب قاعدة هامة لانطلاقها.
ولا أحد ينكر أن الكثير من المتغيرات الطارئة على المجتمع كان لها بالغ الأثر على الشباب التي تعد محط اهتمام لدى الكثير، إلا أن مختصين وتربويين ونفسيين مالوا إلى أن هذا الأثر لم يكن إيجابيا بالنسبة لهذه الفئة تحديدا.
وعلى الرغم من اختلاف المؤثرات سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو حتى الفكرية والمعلوماتيّة، فإن المختصين صنفوها على أنها جاءت هدامة للأسرة، ومفككة لقيمها وعاداتها.وابدى المختصون استياءهم من الاختلاف الجوهري والواضح بين القيم الموروثة التي كان يحملها الجيل القديم والقيم الطارئة التي يحملها الجيل الحالي، داعين إلى ضرورة التخطيط لمستقبل شبابي أفضل.
غائبة عن التربية
وفي ضوء المؤثرات الطارئة على الأسرة السعودية يرى عبد المجيد طاش مستشار متفرغ بوزارة التعليم العالي الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي، أن هذه المؤثرات باتت غائبة عن التربية والتنشئة الاجتماعية، مما ينعكس سلبا على شريحة الشباب في المملكة.
ويقول طاش (التأثير السلبي المنعكس على الشباب يحتاج إلى رعاية وعناية)، مؤكدا أن الأسرة أضحت (فندقا لا تعلم قيم وسلوك أفرادها).
وبين أن الأسرة كانت في السابق تولي اهتماما بالغا لنقل ثقافتها إلى أبنائها لغرس القيم فيهم، (لكن الأمر قد تغير وأصبحت الأسر لا تولي هذا القدر من الاهتمام لزرع القيم، بل إن الكثير من هذه الأسر فقدت دورها) وفق قوله.
ووجه المستشار انتقاداً إلى المدرسة، قائلاً (التربية في المدرسة ماذا تعلم أبناءنا.. الكثير من الأبناء لم يعد لديهم انتماء لشيء، لا لشخصيات ولا لقيم). وأشار بحث عن الفضائيات وأثرها في النشء والمجتمع أعده فريق برئاسة الدكتور سعد الثمالي والذي أعد بناء على طلب عدد من الجهات الحكومية من بينها وزارة الداخلية ووزارة الشئون الاجتماعية وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدد آخر من الوزارات إلى 99% من الشباب الذين شملتهم الدراسة أكدوا امتلاكهم لجهاز تلفزيوني في بيوتهم.
لا توجد مؤسسات
وقال طاش (لا توجد مؤسسات تعنى بالشباب بشكل خاص، فيتجه إلى الخارج ليشبع نزواته)، مشيرا إلى أن المتغيرات أدت إلى فقدان الضابط الاجتماعي، مما سبب ضعف العلاقات الاجتماعية، وإهمال المجتمع لفئة الشباب.في ذات السياق أشار المستشار في وزارة التربية والتعليم، إلى أن التغيرات الاقتصادية أيضا مرتبطة بالأسرة والمدرسة، وقال: (كلما زادت متطلبات الحياة اليومية ازدادت المشاكل.. وعدم توفر المال قد يؤدي إلى الانحراف).
كما أوضح أن ثورة المعلومات الحاصلة في العالم، لها تأثيرا سلبيا على الشباب، قائلاً (لم يستفد الشباب من الثورة المعلوماتية استفادة إيجابية). شدد طاش على ضرورة أن تسعى كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني جاهدة لصناعة صورة مشرقة للشباب، خاصة وأن صورة الشباب تعكس صورة المجتمع بأكمله، منوها إلى ضرورة التكاتف من أجل التغير في واقع الشباب الحالي.
فرق بين الجيلين
وذهب د.علي النفيسة مدير التوعية بوزارة الداخلية، إلى ما ذهب إليه طاش، حيث يقول (هناك فرق شاسع ما بين الجيل الحالي والجيل قبل عشر سنوات)، مؤكدا أن الثورة المعلوماتية أصبحت أقوى من السابق.
وقال النفيسة (في الغالب كان للثورة المعلوماتية جانب سلبي، ولم يستفد منها الشباب في تطوير ذاتهم أو تطوير البحث العلمي)، مشيرا إلى أن هذا الأمر يتطلب مراجعة جادة من قبل الجهات التربوية والدعوية لإعادة تأهيل الشباب فكريا.
وأكد على أن الجهود الأمنية لم تواكب الجهود الفكرية، مشيرا إلى أن الجهود الأمنية كثفت نشاطها في القبض على خلية إرهابية، دون إعطاء أهمية للجانب السلوكي والأخلاقي.
ورغم ما أسماه الانحراف الفكري لدى الشباب، لكنه قال (قد تكون نظرتي تشاؤمية لكن يجب أن ندرك أن لدينا مبدعين ومبدعات ونجاحات سجلها الشباب).وشدد النفيسة في الوقت نفسه على ضرورة أن يفتح الشباب أذهانهم من الناحية المهنية، مؤكدا على ضرورة اتجاه الشباب نحو وسائل التجارة الجديدة.وقال النفيسة (نجد أن الكثير من شبابنا لم يستفيدوا من الجوانب الجيدة سواء في ثورة المعلومات أو ثورة الاتصال)، مبينا أن العولمة تعتبر سلاحا ذا حدين، (يجب أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون لا أن نأخذ أشياء لفظتها الحضارات الأخرى.. ديننا حافظ لنا على كرامتنا ووضع لنا ضوابط).
وأوضح أن الشباب لديه طموح، لكن مشكلته (أن نفسه قصير) منوها إلى أن من يشار إليهم من الناجحين في المجتمع (بذلوا الكثير من المجهود ليصلوا إلى مكانتهم الحالية).وانتقد مدير التوعية بوزارة الداخلية، الشباب في اعتمادهم الكامل على رب الأسرة، قائلاً (الكثير من الأشياء يجدها الشباب بسهولة في يومنا، سواء البيت أو السيارة والجوال أو اللاب توب، لكن من منهم يستطيع أن يحقق ذلك بمجهوده الذاتي!).
ليس لها تأثير
وفي مقارنة بين الجيلين القديم والحالي، قال النفيسة (الأسرة لم يعد لها تأثير وقوة كتلك التي كانت لدى الجيل القديم.. كانت لهم كلمة مؤثرة، وغلبوا العقل على العاطفة، بينما أمهات وآباء الحاضر غلبوا العاطفة على العقل وأثروا على مستقبل أبنائهم، وزرع في الكثير من عقول شبابنا أن الهدف الأكبر هو إيجاد وظيفة).وأضاف (لذا يجب تدريب الشباب وتوجيههم، فالمجتمع بحاجة للشباب، وعلى الشباب أن يطمحوا ليكونوا في المراكز الأولى لا أن يقتصر الطموح على أكل العيش.. وسائل النجاح موجودة بكثرة ولكن يجب على الشباب شحذ هممهم من أجل الوصول).من ناحيتها قالت د. حنان عطا الله أستاذة علم النفس بجامعة الملك سعود، إن لكل جيل مشاكل، وفئة الشباب الآن تواجه مشاكل وتحديات..ولأن العالم أصبح قرية صغيرة، علينا أن نحافظ على قيمنا وعادتنا المنبثقة من الشريعة الإسلامية.
الشباب في حيرة
وكشفت عطا الله عن حجم التحديات التي يواجهها الشباب بالقول (الشباب في حيرة سواء في تعامله مع كبار السن أو في تبني الأفكار الواردة إليه من المجتمعات الأخرى، كما ان التحديات الاقتصادية التي أمامه كبيرة)، مضيفة (كذلك فإن القبول في الجامعة لم يعد كما كان، والحصول على الوظيفة لم يعد سهلاً).كما بينت أن التحديات طالت كافة الجوانب لاسيما الجانب الاجتماعي، كما سببت اضطرابات نفسية لدى البعض، وقالت (الكثير من الفتيات لديهن قلق وإحباط وخوف من عدم تكوين مستقبل ومن عدم الزواج).وعبرت عطا الله عن بالغ أسفها للاهتمام بالطفولة أكثر من الشباب، مؤكدة وجود مؤسسات لاحتضان الشباب والاهتمام بهم.