أثارت قضية الكشف عن خلية حزب الله في مصر العديد من التساؤلات والإشكالات التي ولدتها التجاوزات والخروقات التي تقدم عليها بعض الأنظمة عن طريق واجهاتها الحزبية والميلشياوية والتي أصبح لها وجود وحضور سياسي في التشكيلات السياسية في العديد من الدول العربية.
فالقضية المثارة الآن بين جمهورية مصر العربية، وحزب الله اللبناني، تطرح إشكالية قانونية وسياسية، أشار إليها - عرضاً - في برنامج تلفزيوني العميد المتقاعد اللبناني هشام جابر، الذي ذكر بأن حزب الله اللبناني حزب ممثل في الحكومة اللبنانية وله وزراء، وكتلته البرلمانية تضم عدداً من النواب في مجلس النواب اللبناني، وهم من الكتل البرلمانية التي تدعم الحكومة اللبنانية الحالية، وله مؤيدون وحلفاء في الوزارة مما يسمون بتيار 8 آذار، وبالتالي فإن حزب الله، حزب مشارك في الائتلاف الحكومي. وهي صفة تعرفها جميع الدول وتتعامل معها القوى الدولية والإقليمية ومنها الدول العربية حتى وإن كانت لا تحبذ التعامل المباشر مع حزب الله، إذ إن الحكومة اللبنانية تضم وزراء يتبعون حزب الله ووزراء آخرين متحالفين معه. أو على الأقل يشاركون في الحكومة اللبنانية بناء على ترشيح الحزب ومباركته، إذ إن هؤلاء الوزراء وإن كانوا محسوبين على كتل حزبية شيعية أخرى، إلا أن الجميع في لبنان وخارجه يعرفون بأنهم يدورون في فلك حزب الله ويتبعون توجهاته السياسية ويسيرون وفق توجيهات قيادته. وهنا تبرز الإشكالية والتناقض التي أشار إليها العميد المتقاعد والباحث الاستراتيجي هشام جابر الذي قال: إن حسن نصر الله رئيس حزب لبناني له ممثلون في البرلمان اللبناني، وله وزراء وكان يفترض أن تتم معالجة القضية عبر البرلمان العربي.. أو عن طريق الحكومات..!!
هذا القول يطرح تساؤلاً حول المسؤولية القانونية والأدبية والسياسية للبرلمان الذي يضم داخله أعضاء يتبعون حزباً أو جماعة متهمة بارتكاب مخالفات أو مسؤولة عن تنفيذ أعمال إرهابية، ويمارسون أعمالاً تعد تدخلاً في شؤون داخلية لدول أخرى، وما هي مسؤولية الحكومة التي تضم وزراء يتبعون ذلك الحزب.. سواء كانت هذه الحكومة.. الحكومة اللبنانية أو البرلمان اللبناني أو غيرها من الحكومات والبرلمانات.. وهل الحكومات أو المؤسسات الدستورية العربية مسؤولة عن أفعال الأحزاب التي تشارك في تشكيل الحكومات ولها نواب في مجالس النواب..؟!
طبعاً التبعية السياسية والقانونية تقول نعم على الحكومة والبرلمانات مسؤولية سياسية وأدبية وقانونية مثلما لها الحق في الدفاع عن الحقوق السياسية والأدبية والقانونية لقادة تلك الأحزاب ورموزه السياسية، بأن يتم طرح ومناقشة مثل هذه القضايا والتهم عبر القنوات السياسية والدبلوماسية بشرط أن تكون تلك الأحزاب ملتزمة بالأعراف والمواثيق السياسية الدولية، وهو ما لا نراه في علاقة حزب الله بالدولة اللبنانية.
jaser@al-jazirah.com.sa