Al Jazirah NewsPaper Monday  13/04/2009 G Issue 13346
الأثنين 17 ربيع الثاني 1430   العدد  13346

ربيع الكلمة
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر!
لبنى بنت عصام بن عبد الله الخميس

 

غالبا ما يكون الشاعر شخصا مزاجيا وذا طقوس خاصة، يعيش لحظات خالدة ومتفردة حين يدخل في حالة الشعرية.

فكأنه يحيا خارج الزمن وخلف المدار وقبل الشمس بأمتار قليلة، يعيش هذه اللحظات التي تكون حبلى بأجمل الكلمات والحكم وتولد بعدها قصيدة نسجت وكتبت بكل خلية في جسد الشاعر.. فحين يقرؤها أمام مرآته يشعر برعشة وهيبة كلماته وحين يلقيها أمام جمهوره الصغير أو الكبير يشعر المتلقي بها ويحلق مع كلماته التي ليست كالكلمات نحو عالم جميل وخلاب.

هكذا نشعر وفي هذه العوالم نحلق حين نسمع قصائد صادقة رغم بساطتها.

وأذكر ذلك الإحساس حين أستمع لقصائد الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن الذي بقي حاضرا رغم غيابه الطويل.. وقريبا رغم بعده..

حين انتشر مؤخرا الشعر الرديء والرخيص المشبع والمطعم بالانحياز والعنصرية، ومع اتساع المساحة الشعرية في الفضاء التلفزيوني وظهور المجلات الشعبية الربحية، التي لا تفرق بين الشاعر صاحب الموهبة والثائر بلا قضية والطامع برضى ودولارات صاحب البلاط، تدنى مستوى الذائقة الأدبية وانحدر وأضحى الشاعر المتميز عملة نادرة.

في الآونة الأخيرة ظلت الساحة الشعرية مزدحمة بالشاعر والشويعر وكان البقاء للأقوى والأفضل والأجدر وكان من أهم الحاضرين في المشهد الشعري الشعبي الأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن.. الذي أذهل الجماهير بحضوره الراقي والمشع في أمسيته الأخيرة في دبي والتي عانق بها جماهيره المتعطشة للجمال والأصالة والنور.

وبعد هذا الظهور المتميز والذي تحدثت عنه الصحافة المحلية والعربية كان له ظهور آخر في برنامج (إضاءات) على قناة العربية.

انتظرت هذا اللقاء منذ لحظة الإعلان عنه بشغف واهتمام ولكنه لم يكن بحجم التوقعات بل أقل منها بكثير.

فقد كانت المقابلة متواضعة وكان حضور البدر باهتاً وحديثه متعثراً ومتردداً.

لم أفهم كيف يكون الشاعر حكيما وفصيحا وحصيفا ويعجز أحيانا عن التعبير عن نفسه وإيصال ما يجول في خاطره.

لا أعلم أين كان مكمن الخلل في هذه المقابلة.. هل كان في الأسئلة أم في الأجوبة؟ في المقدم أم في الضيف؟

أحب أن أؤكد أنني لست ناقدة فنية أو متابعة للساحة الشعرية ولكنني شعرت في هذه المقابلة أن الأمير بدر بن عبد المحسن لم يكن قوي الحضور ولم يكن حديثه بحجم قوة قصائده ولا حتى قريب منها، وقد أعتبر وأقول بضمير مطمئن ومرتاح أن هذا اللقاء كان كبوة جواد ونقطة داكنة في مسيرة ناصعة ونقية.

اقتنعت بعد هذا اللقاء أن ليس كل شاعر متحدثا وليس كل سيد كلمات هو سيد حوار فليس بالضرورة أن يكون المبدع في مجاله مبدعاً في الحوار والنقاش.

وقد نلتمس لأميرنا أن مقدم البرنامج لم يستطع أن يسبر أغوار الأمير الشاعر ويستثير شاعريته ويثير الكامن بداخله للانطلاق والتحليق.

وأعتقد أن الأمير لم يحضر نفسه تحضيرا جيدا وجادا لهذا اللقاء فكانت النتيجة مقابلة دون المستوى المأمول.

فما أجمل أن نسمع بدر بن عبد المحسن شاعرا متميزاً لا أن يظهر في لقاءات وحوارات لا تعطي هذه الهامة العالية حقها.

فلم يكن في هذه المقابلة بدرا كما عهدناه ولسان حاله يقول:

سيفقدني قومي إذا جد جدهم

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.

****


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد