قرأت ما كتبه المؤرخ عبدالرحمن بن رويشد؛ حيث قال: كان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود تربطه علاقة وطيدة بأبنائه، وكان أحب شيء إليه خلوته في القصر بأبنائه وأطفاله يداعبهم ويضاحكهم ويمرح معهم ويشجعهم على الصلاة وحفظ القرآن الكريم واحترام الكبير والعطف على الصغير.. فكانت الملامح والتقاليد في القصر هي تلك المبادئ التي قامت عليها البيوت السعودية، وهي مبدأ وحدة العقيدة والأرض والفكر السليم. ومما كان معروفاً بداخل القصر (هو حفظ القرآن) ودراسة علوم الشريعة والفقه، فكان يعرف في القصر ما يسمى ب(العمة) كما كان يطلق على الأميرة الجوهرة ابنة الإمام فيصل بن تركي عمة الملك عبدالعزيز المتوفاة عام 1354ه فقد كانت حافظه للقرآن مستوعبة الكثير من العلوم والسنة والتاريخ والسيرة، فكان الملك عبدالعزيز يأنس لرأيها ويستشيرها في كثير من شؤونه وكذا الأميرة سارة بنت الإمام عبدالله الفيصل؛ فقد كانت ذات علم كبير. وممن استفادت من عادات القصر وحياته الاجتماعية الأميرة الجليلة نورة بنت الإمام عبدالرحمن أخت الملك عبدالعزيز، وكذا الأميرات الأخريات من زوجات الملك عبدالعزيز.
(الزفة.. والختمة) ومن الصور الإيمانية في تقاليد القصر تلك التي ظلت تتجدد على مر العصور وهي الاحتفاء ب(ختم القرآن الكريم) أو ما يسمى ب(الختمة)، فعندما يعلن أن أحداً من التلاميذ الأنجال ختم القرآن فإنه كانت تعم الفرحة سائر القصر وتعمل له مناسبة (الختمة)، وقد كان الملك عبدالعزيز يشرف عليها بنفسه، وقد كانت تشارك يوم الاحتفال بعض المدارس والكتاتيب من خارج القصر؛ حيث بعد الاحتفاء بالختمة لذلك الطالب الخاتم يتم الإعلان غداً موعداً (للزفة) فيأمر الملك عبدالعزيز بإقامة الزفة وتعطل الدراسة ذلك اليوم وتقام في فترة ما بعد الظهر، ويتناول الأطفال طعام الغداء باكراً في القصر ثم يحمل الجميع السيوف والمجند وتحضر الخيول المعدة لركوب المحتفى به فتنطلق تجوب أنحاء الرياض مع صوت ضجيج الأطفال، وتستقبل (الزفة) في قصور كبار الأسرة المالكة؛ حيث يقدم لهم الحلوى والشاي، ويردد الأطفال كلمات لا تعني أكثر من أنها تعبير طفولي مثالها عبارة (سوم عيه.. سوعيه) وينتهي الفرح بالذهاب إلى السلام على الملك داخل قصر الحكم فيقدم الحافظ للملك فيدعو له بالبركة ويأمر له بجائزة مالية تدفع في الحال. تلك من أبرز العادات في قصر الحكم، فضلاً عن العادات والبرامج الأخرى كرياضة الفروسية التي لها شأن كبير لدى الملك وما خصصه لها من أحواش وإسطبلات لأصالتها.
إبراهيم بن راشد الهذيلي
الصحنة الدلم