تداول الناس في منتديات الإنترنت الاسبوع الماضي حكماً قضائياً صدر على أحد المتهمين، نتيجة أن (جريدة الوئام) - إحدى الجرائد الإلكترونية على الإنترنت - نشرته. ولأن صياغة الخبر كانت غير موفقة، أحدث الخبر بعض الارتباك، وثار حوله في أكثر من منتدى جدل ولغط وأخذ ورد. وفي ظني أن الحكم، وكذلك ما نشرته هذه الصحيفة من مداولات بين المتهم والقاضي، غير دقيق، فالخبر كان (ملغماً) بالكثير من المغالطات، الأمر الذي جعل له تبعات سلبية، تمس أول ما تمس سمعة الجهاز القضائي في المملكة.
من الناحية الشرعية وكذلك النظامية، فإن (العلنية) في العمل القضائي هي الأصل، و(السرية) استثناء. وحين يقرر القاضي - استثناءً - السرية، فإن النظام يلزم القاضي بالعلنية عند إصدار الحكم.
تقول المادة الخامسة والخمسون بعد المائة من (نظام الإجراءات الجزائية) ما نصه: (جلسات المحاكم علنية، ويجوز للمحكمة - استثناء - أن تنظر الدعوى كلها أو بعضها في جلسات سرية، أو تمنع فئات معينة من الحضور فيها، مراعاة للأمن، أو محافظة على الآداب العامة، أو إذا كان ذلك ضرورياً لظهور الحقيقة). وتقول المادة الثانية والثمانون بعد المائة من نفس النظام ما نصه: (يتلى الحكم في جلسة علنية ولو كانت الدعوة نظرت في جلسات سرية، وذلك بحضور أطراف الدعوى. ويجب أن يكون القضاة الذين اشتركوا في الحكم قد وقعوا عليه، ولابد من حضورهم جميعاً وقت تلاوته ما لم يحدث لأحدهم مانع من الحضور. ويجب أن يكون الحكم مشتملاً على اسم المحكمة التي أصدرته، وتاريخ إصداره، وأسماء القضاة، وأسماء الخصوم، والجريمة موضوع الدعوى، وملخص لما قدمه الخصوم من طلبات، أو دفاع، وما استند عليه من الأدلة والحجج، ومراحل الدعوى، ثم أسباب الحكم ونصه ومستنده الشرعي، وهل صدر بالإجماع، أو بالأغلبية).
وطالما أن العلنية هي الأصل، والسرية استثناء، وطالما أن وسائل الاتصال والتواصل (الإعلامي) مثل القنوات الفضائية وكذلك الإنترنت أصبحت في كل بيت تقريباً، ولا يمكن السيطرة عليها، فإن محاصرة الآثار السلبية للشائعات التي تثيرها هذه الوسائل الإعلامية، يتطلب مزيداً من الإفصاح والشفافية. دون الشفافية فإن هذه (الشائعات) المغلوطة ستصبح المصدر الوحيد للداخل والخارج، وقد تستغل استغلالاً يؤثر سلباً على سمعة المملكة، وعلى مسار العدالة فيها.
والسؤال: لماذا لا يكون لدى المؤسسات القضائية، وبالذات التي لها علاقة بمحاكمة الفئة الضالة، أو الداعمين لهم، وكذلك المنظرين لتمردهم، جهة تتعامل مع النشر، وتصبح هي المصدر الذي يعول عليه لنشر الأحكام القضائية، بعدما تتخذ هذه الأحكام صفة القطعية والنفاذ.