Al Jazirah NewsPaper Sunday  12/04/2009 G Issue 13345
الأحد 16 ربيع الثاني 1430   العدد  13345
البليهي... مفكراً وخبيراً بأمراضنا الاجتماعية!
د. عبدالله البريدي

 

الأستاذ إبراهيم بن عبدالرحمن البليهي مفكر بامتياز؛ صنع لإسهاماته الفكرية بصمة فريدة في جوانبها المنهجية والفكرية والاجتماعية، لا سيما أن إسهاماته تلبّست بقدر معتبر من (التفلسف)، باعتباره فعلاً إبداعياً يروم تفتيت التعقيد؛ جاوز به الأستاذ البليهي تخوم الاستدعاء الميكانيكي للمنتج الفلسفي..

الناجز، مما يعني تحقيقه لنجاحات مشهودة في تخطي عتبة (السلفية الفلسفية) في عدة مجالات أهمها تحليل ثقافة التخلف واستكشاف بنيته وعرض إمكانات العقل وفضح نقائصه في سياق يشدّد على محورية (عبقرية الاهتمام) في التفكير والممارسة؛ وذاك - أعني التفلسف - نهج نادر في ثقافتنا العربية المعاصرة في عقودها المتأخرة، حيث أصيبت بداء الجمود والتقليدية وضمرت الممارسات الإبداعية الحقيقية.

وقد أضاف البليهي ميزة فكرية أخرى لإسهاماته المقدرة؛ تمثلت في امتلاك الخبرات والأدوات التي يحتاجها المفكر ليظفر برتبة (خبير متمرس في الأمراض الاجتماعية). فالأستاذ إبراهيم البليهي بارع في الإعداد والتحضير والتنفيذ لعملية الكشف والتشخيص لأمراض مجتمعه؛ في إطار معياري يستصحب معادلة الفعالية الحضارية ويستشرف متطلبات اللحظة الراهنة وتحديات لحظات المستقبل؛ في عالم يتأسس على مبادئ القوة: قوة الضمير وقوة العقل وقوة العلم، الأمر الذي جعل البليهي قادراً على تعداد كثير من الأمراض التي تفتك بنا، وتصنيفها وتحديد أسبابها وبواعثها وأعراضها، وربما بادر بإعطاء الوصفة أو الإشارة إلى تركيبتها الكيميائية!

ثلاث دوائر تعبر عن علاقتي الجميلة مع المفكر السعودي المرموق الأستاذ إبراهيم البليهي، دائرة احترامي له وإجلالي لإسهاماته الفكرية وعطاءته الإصلاحية، ودائرة اتفاقي معه في كثير من الجوانب، ودائرة ثالثة تعبّر عن الاختلاف معه في جوانب أخر، وكلها دوائر متآلفة تدفع باتجاه الحب الصادق لذلك المفكر الرائع.

وإني لأرجو أن تصافح المكتبة العربية مزيداً من الإسهامات الفكرية النيرة للأستاذ القدير إبراهيم البليهي، مثمناً ل(الجزيرة) هذه الوقفة التكريمية المستحقة لمفكر حر ومشخّص بارع ومصلح طاهر؛ نفخر بانتسابه لخارطتنا الفكرية والإصلاحية، مع التأكيد على أن فكر الأستاذ البليهي يستحق مزيداً من العناية والدرس والتنقيب، فهو فكر ثر مستفز، وباعث فكري ومحرض نهضوي.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد