ما كانت تحذر منه الدوائر السياسية ومراكز المعلومات وأجهزة الرصد والمخابرات، وما نبَّه إليه الكتَّاب والإعلاميون من وجود مخطط تخريبي موجه للدول العربية، وبعض الدول الإسلامية في آسيا وإفريقيا، أصبح واقعاً ملموساً، بعد أن كشفت الدول المستهدفة بهذا المخطط الخطوات الأولى التي أخذ المكلفون بتطبيقها ينفذونها، والتي تستهدف تخريب المجتمعات في تلك الدول من خلال نشر أفكار مضلِّلة وتيارات سياسية وطائفية، وإقامة تنظيمات ومليشيات بهدف القيام بخروقات لأمن تلك البلدان وتنفيذ عمليات إرهابية، ولتحقيق هذه الأهداف الشريرة لجأت الجهات المكلفة بتنفيذ هذا المخطط الذي يخدم دولة إقليمية - لا تخفى على أحد - خدمة لأطماعها على حساب المصالح العربية الإسلامية العليا.
وقد لجأت القوة الإقليمية تلك ومن خلال الدوائر التنظيمية لمثل هذه الأعمال إلى وضع بنى أساسية، وإقامة قواعد تنظيمية تمزج بين الارتباط الطائفي والسياسي، فمن خلال تهييج العواطف السياسية المبنية على انفعالات وقتية مرتبطة بأحداث وقتية يستدرج المغرَّر بهم من قبل عناصر مدربة لاصطيادهم وتنظيمهم، والزج بهم ضمن دوائر تبشيرية تعمل على تصعيد الانبهار بتيار مذهبي عرف كيف يستثمر القضايا التي تواجهها بعض الأقطار العربية، وحالة التضامن العربي التي تسكن عواطف الشباب العربي، ويطرح أصحاب هذا المخطط تيارهم الطائفي الذي يخدم توجها سياسيا محددا، ليغري هؤلاء الشباب بالانضمام إليه والانقياد إلى خططه؛ حيث يصبحون في النهاية عناصر تأتمر بتعليماته التي ترسل من خارج الأرض العربية.
هذا العمل التنظيمي الذي يمزج بين الانتماء الطائفي والارتباط السياسي الذي نجح في فرضه على بعض الأقطار العربية كلبنان والعراق شجع من هم وراءه، والذين يقدمون مئات الملايين من الدولارات على تعميمه على بقية البلدان العربية والإسلامية، متشجعين بما حققوه من اختراق في بعض المناطق الفلسطينية، ليحاولوا أن يكرروا ذلك في مصر والمغرب؛ وفق أسلوب مختلف أو متعدد أو الدمج بين الأسلوبين؛ ففي المغرب حاولوا تحقيق ذلك عبر التبشير بمذهبهم الطائفي، وفي مصر مزجوا بين التبشير للمذهب وبين الانخراط بحزب ذي واجهة سياسية، يعمل ويتدرب المنضوون تحت رايته لتنفيذ أعمال إرهابية يدمر من خلالها أمن أكبر دولة عربية، ويخرب مجتمعها المتحمس لدعم القضايا العربية ولذلك يسهل جذب شبابه إلا أن يقظة الدوائر الأمنية والقضائية في المغرب ومصر أنجت هذين البلدين العربيين المسلمين من كيد الأشرار، ودقت ناقوس الخطر لباقي الأقطار العربية الإسلامية المستهدفة بالتبشير الطائفي والتخريب الإرهابي لمصلحة دولة إقليمية أصبحت تشكل خطراً على أمن الدول العربية بعبثها بأمن العرب جميعاً لتحقيق أطماعها الإقليمية.