الجزيرة - سعود الشيباني
حسم أحد القضاة نزاعاً قضائياً بين إحدى السيدات وزوجها بعد أن أصدر حكماً قضائياً يقضي بحضانة السيدة لأطفالها الستة وهي لا تزال في ذمة الأب شرعا، بعد أن أثبتت الأم للقاضي عدم صلاح واستقامة الأب للحضانة.
وكان خلافاً زوجياً قد وقع بين الأب والأم، ما استدعى فرار الأم إلى ذويها للنجاة من ويلات زوجها، وقام الأب بسحب أطفالها منها مدعياً أنه أحق بحضانتهم منها، كما قام بحرمانها من رؤيتهم لأكثر من سنتين في محاولة منه للضغط عليها وإرغامها على العودة إلى منزل الزوجية، الأمر الذي رفضته الأم مما اضطرها إلى تقديم دعوى ضد الأب تطالب بحضانتها لأطفالها، حيث حكم القاضي بحضانتها لأطفالها بعدما أثبتت الأم للقاضي عدم صلاح الأب للحضانة بشهادة شهود عدول من الجيران، كما أثبتت الأم للقاضي سوء معاملة أبنائها خاصة البنات من قبل ضرتها، فيما شهد إمام مسجد الحي بعدم مشاهدته للأب وهو يؤدي ولو فرضاً واحدا للصلاة منذ أن سكن الحي منذ أربع سنوات حتى رحيله منه.
وقالت الأم في حديثها لـ(الجزيرة): إنها قدمت للقاضي تقارير طبية صادرة من أحد المستشفيات الحكومية تفيد بتعرضها لعدد من الإصابات في أنحاء متفرقة من جسدها وتنويمها عدة مرات جراء تعرضها للضرب الشديد على يد زوجها وحروق في أنحاء متفرقة من جسدها نتيجة إطفاء الزوج أعقاب السجائر فيها، وكذلك منعه لها من الذهاب لعملها كمدرسة حتى كاد أن يتسبب في فصلها.
وأضافت أنها شرعت بتقديم دعوى جديدة ضد زوجها تطالبه فيها بدفع مبلغ وقدره ثلاثمائة ألف ريال كانت قد اقترضت المبلغ من البنك بضمان راتبها وقدمته له في محاولة منها لإصلاحه من خلال تبنيه لمشروع تجاري يدر عليهم دخلاً جيداً، فيما لا تزال الزوجة تسدد الأقساط المترتبة عليها من راتبها، ولا تزال دعواها قيد النظر الشرعي.
وختمت الزوجة حديثها بالإشارة إلى أنها لن تطلب الخلع حتى تستحصل كافة حقوقها المالية على زوجها، وضمان إلزامه بالنفقة.
من جانبه بدأ الباحث والمهتم بالأمور الشرعية والقانونية مفلح بن حمود بن مفلح الأشجعي تعليقه على الحادثة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال: (من فرق بين الوالدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة)، وأضاف بأن الحضانة مصلحة وليست حقاً مكتسباً لأي من الأبوين، إنما هي للأصلح، والتخيير للمحضون لا يكون إلا إذا استوى الأبوان في صلاح الحال والاستقامة، أي أن التخيير ليس قاعدة مطلقة، ولا يكون التخيير إلا على شرطين هما: أن يكون الأبوان من أهل الحضانة، وأن يكون الغلام عاقلاً، فإذا كان معتوهاً بقي عند الأم، أما إن كان أحدهما غير أهل للحضانة، فلا تخيير، وبالتالي لا عبرة لاختيار الأطفال في الغالب لأنهما ضعاف عقل ويؤثرون اللعب، فإذا اختاروا من يمكنهم من ذلك فلا يؤخذ باختيارهم وكانوا في حضانة من هو أصلح لحالهم.
واستطرد الأشجعي بالإشارة إلى انه فيما يخص حضانة البنت فقد ورد عن ابن تيمية يرحمه الله في فتاواه (34- 131) قوله: (إنما يقدمون الأب إذا لم يكن عليها ضرر، فلو قدر أو ثبت أنه عاجز عن حفظها وصيانتها ويهملها لاشتغاله عنها والأم قائمة بحفظها وصيانتها فإنها تقدم في هذه الحال، فمع وجود فساد أمرها مع أحدهما فالآخر أولى بها بلا ريب)، كما قال يرحمه الله أيضا في موضع آخر من فتاواه (34- 132): (وإذا قدر أن الأب تزوج بضرة وهو يتركها عند ضرة أمها ولا تعمل لمصلحتها، بل تؤذيها وتقصر في حقها وأمها تعمل لمصلحتها ولا تؤذيها فالحضانة هنا للأم قطعا).