Al Jazirah NewsPaper Saturday  11/04/2009 G Issue 13344
السبت 15 ربيع الثاني 1430   العدد  13344
مستعجل
هذا.. هو الاقتصاد
عبد الرحمن بن سعد السماري

 

الكثير .. وأنا واحد منهم.. لا نعرف تفاصيل الاقتصاد.. ولا نعرف منه إلا كما نعرف من الطب والهندسة.. فهو عالم متخصص صعب معقد وبالذات في السنوات الأخيرة عندما تعقّد هذا العالم وتحول إلى لغز بل ألغاز لا يستطيع فكها حتى أكثر المتخصصين فيها.

** هذا العالم (الاقتصاد) أصبح شريان الدنيا كلها.. فهو الذي (بإرادة الله وحده) يُحرك حياة الناس.. وإذا اعتل هذا العالم أو ضعف أو ارتبك.. ارتبكت حياة الناس.

** والعالم خلال الأشهر الماضية.. عانى من مرض الاقتصاد وكنا نظن أن هذه المعاناة ستقتصر على الأغنياء فقط.. وكنا نظن أننا معشر الضعفاء سنكون من المتفرجين على الأغنياء وهم يلحقون بركبنا.. لكن فهمنا الخاطئ كان كبيراً عندما عانينا منه أكثر مما عانى الأغنياء.

** صحيح أن هناك الكثير من الأغنياء تضرروا.. وهناك من فلس أو شارف على الأفلاس.. ومعنى تفليسة الغني هو فقدان الكثير من ثروته.. وليس معناه أنه فقد كل شيء.. بل إن الأغنياء إذا فلّسوا.. بقي لهم أراضٍ هنا وأسهم هناك.. ومحلات هنا.. ومساهمات هناك يلتف إليها ويعيد تأهيلها ويعود ثرياً من جديد.

** المهم في الأمر.. أننا تابعنا سقوط الاقتصاد العالمي وما أسموه موت الرأسمالية أو مرض الرأسمالية.

** وتابعنا التقارير الاقتصادية التي تقودنا ساعة يميناً وساعة شمالاً.. وقرأنا تقارير الانترنت وترجمات الصحف العالمية.. وتابعنا محطات التلفاز ولم نحصل إلا على معلومات متقاربة.. ساهمت في تكريس جهلنا بالمشكلة وتداخل المعلومات في رؤوسنا.

ذلك أننا لسنا متخصصين في هذا العلم.. ولا نعرف مفاتيحه ولا مصطلحاته ولا دهاليزه ولا أي شيء عنه.. إلا من خلال خبرتنا البسيطة.. مثل خبرة البقالة الصغيرة أو البنشر أو سائق التاكسي.. وكل الذي نعرفه أن الاقتصاد العالمي انهار وسيستمر الانهيار إلى أواخر عام 2009 أو حتى عام 2010م وقد يتعافى أو لا يتعافى.. هكذا قال أصحاب الاقتصاد أو هكذا (ظنوا).

** وجاءت قمة العشرين.. وصرنا من المتابعين لهذا الحدث العالمي الكبير من خلال ما يُنشر وما يقال في محطات الفضاء.. غير أننا لا نعرف ماذا يعني ذلك.. وكان الناس يتحدثون عن (فشل القمة) وفشل الزعماء والحاضرين في تطويق الأزمة.. نتيجة اختلاف وجهات النظر وتباين المصالح والخلافات السابقة.. ونتيجة لتعقيدات الأزمة ولكن نجحت القمة نجاحاً كبيراً.. واستطاعت اتخاذ خطوات عملية جيدة لتطويق الأزمة وبث الأمل مجدداً.

** وكانت القرارات التي قرأناها في الصحف تعكس توافقاً دولياً على اتخاذ خطوات عملية لتجاوز الأزمة.

** استبشر العالم كله بالنجاح وفرحنا مع العالم.. وانعكس ذلك على الكثير من أوضاعنا وأوضاع العالم.. وارتفعت (بورصات) دولية كثيرة وعاد الأمل مجدداً في الأمة.

** هذا.. هو الاقتصاد الذي كنا نستهين به.. ماذا فعل بنا الاقتصاد؟

** والمشكلة الأخرى في هذا الجانب أن الناس حتى الآن.. لا تدري أين المشكلة.. وأين الحل.. ومتى سيكون الحل.. ومتى ستنتهي المشكلة.. وهل سيعود الاقتصاد إلى حياته قريباً؟

** إن المسألة (مطولة) وسيكون هناك المزيد من الضحايا..

** الناس اليوم محجمة عن كل شيء.. تخاف على (فلوسها)..

** من لديه سيولة اليوم.. فهو ممسك بها.. والبنوك متخوفة ومتوقفة في مسألة الإقراض.. ودورة الاقتصاد تمشي ببطء.

** العقاريون يرقبون وقلوبهم ترجف.. والأسهم تتحسن يوماً أو يومين ثم تعود إلى القاع.. وكل يوم نقول هذا هو القاع حتى تظهر لنا (قيعان) و(قيعان) وتتضح المسألة أنه لا حدود للقاع.

** من يطمئن الناس؟

** من يبعث في داخلهم الأمل؟

** ليس لنا.. إلا الله وحده جلت قدرته.. نلجأ إليه وندعوه.. كاشف الغم مفرج الهم.. أن يلطف بعباده المسلمين.

** نعم.. أعود وأقول هذا هو الاقتصاد وهذا.. ما فعله بنا الاقتصاد.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد