يسعد الإنسان حينما يرى من المسؤول حرصاً على تطبيق الأنظمة بوعي وبصيرة، وعلى عدم الإخلال بالنظام الإداري، والنسق الاجتماعي، والقيم الدينية التي يقوم عليها بناء الدولة، وتنطلق بها مسيرتها المباركة.
لقد كتبت مقالاً سابقاً عن مخالفات واضحة حصلت في الملتقى الأدبي في نادي جازان، ولكن ذلك المقال لم يكتب له النشر في حينه، ولم يكن مناسباً أن ينشر بعد مضي المناسبة، ومرور وقتها، وأشرت في ذلك المقال إلى أهمية أن نتعاون جميعاً مسؤولين، وإعلاميين، وأولياء أمور، ومعلمين، وعلماء ومفكرين وأدباء على ضبط مسيرة مجتمعنا ضبطاً شرعياً صحيحاً في هذه المرحلة التي حدثت فيها (متغيرات) كثيرة ليست في مجملها جديرة بأن نتأثر بها تأثراً عشوائياً قائماً على التقليد والمتابعة العمياء التي لا توصِّل أصحابها إلى خير.
واليوم أقرأ كلاماً رائعاً لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر أمير جازان، نشرته هذه الجريدة في عددها الصادر يوم الثلاثاء 11-4-1430ه في صفحة الفن تحت عنوان (قال: إن المسألة ليست (سائبة) وهدد بمساءلة المخالفين. الأمير محمد بن ناصر ل(الجزيرة): لا نمنع إقامة الاحتفالات شرط موافقتها للضوابط).
وضح الأمير محمد بن ناصر حرص الإمارة على إقامة الاحتفالات والمناسبات المختلفة ولكن بشرط أن تمر بضوابطها الطبيعية، وقال: المسألة هنا ليست (سائبة) وأي شخص يريد عمل أي شيء يعمله دون رجوع إلى الضوابط المتعارف عليها. وأشار إلى أن من لم يلتزم بالضوابط فسوف يتعرض للمساءلة؛ لأن هناك أموراً قد تتعارض مع عاداتنا كمجتمع سعودي (له ثوابته)، ونحن جميعنا تحت مظلة واحدة هي مظلة الشريعة الإسلامية وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
هذا الكلام المحدد هو جزء من الأمانة التي يحملها المسؤول في أي منطقة من المناطق، وهو دليل على يقظة المسؤول، وحرصه على القيام بواجبات الأمانة التي حملها، وأقسم أمام ولي الأمر عليها، وعلى رعايتها وعدم الإخلال بها. هنالك من يتجرأ على التجاوز بحجج الانفتاح العالمي، وأننا لا نعيش وحدنا في هذا العالم، وهي حجج تستخدم في غير موقعها الصحيح.
إن الموازنة بين ثوابتنا وخصوصية مجتمعنا المسلم وبين مستجدات العصر ومتطلباته سهلة ميسورة لمن حسنت نيته، وصفت سريرته، وثبت فكره على منهج الحق، وهذه الموازنة الرشيدة تحول بيننا وبين الانجراف الاجتماعي والسلوكي بحجة الانفتاح وبحجة أننا لا بد أن نساير العالم. فإعطاء المرأة المسلمة مثلاً حقها الشرعي شيء، وسوقها بعصا الانفتاح إلى التبرج وعدم الحشمة والاختلاط المتفلِّت، والبروز الإعلامي المبالغ فيه، وتكوين فرق رياضية نسائية لا مسوغ لها شرعاً ولا عقلاً سليماً ولا عرفاً صحيحاً، شيء آخر. نحن في مرحلة مهمة تحتاج إلى الوضوح، وإذا كنت في مقالات سابقة قد امتدحت - بحق - وضوح أقوال الأمير نايف بن عبدالعزيز في كثير من القضايا المطروحة، فهاأنذا اليوم أشيد بهذا الموقف الواضح المتزن المسؤول من الأمير محمد بن ناصر أمير جازان - وفقه الله -.
تحية من الله مباركة لكل من يستشعر عظم المسؤولية وعبء حمل الأمانة في أي مجال من مجالات العمل في بلادنا.