Al Jazirah NewsPaper Saturday  11/04/2009 G Issue 13344
السبت 15 ربيع الثاني 1430   العدد  13344
شفافية الصناديق الحكومية
فضل بن سعد البوعينين

 

عندما تجتهد هيئة السوق المالية في ترسيخ مبدأ شفافية السوق، وعدالة التداول تتجه أنظار المستثمرين نحو صناديق الهيئات والمؤسسات المالية الضخمة التي يُعتقد أنها المؤثر الرئيس في سوق الأسهم السعودية، وعليها تقع المسؤولية في ترسيخ مبدأ شفافية السوق بالتعاون مع الجهات الرقابية. يتعامل المستثمرون بجدية مع كل ما يصدر عن تلك الصناديق من قرارات استثمارية، ويعتقدون بقدرتها على استشراف المستقبل، والتحرك وفق خطط استثمارية محكمة قادرة على تحقيق الربح، وخفض حجم المخاطر. يبدو أن شفافية السوق تخضع في بعض الأحيان إلى معايير متغيرة تخضع لطبيعة المستثمرين أنفسهم!.

قد تكون هناك أسباب جوهرية تُسوغ لبعض الجهات الحكومية إخفاء بعض المعلومات الحساسة من أجل تحقيق المصلحة العامة، إلا أن إخفائها يفترض أن يكون عاماً لا خاصاً، ويُفرض على كل من تعامل مع أصل ذلك الخبر المؤثر لأسباب وظيفية، رقابية، أو تنفيذية عدم استغلاله لتحقيق مصلحة، أو دفع ضرر، أو تمريرة لمن يعتقد أن باستطاعته الاستفادة منه آنياً أو مستقبلاً.

الشفافية تعني العدالة في بعض أوجهها، عدالة وصول المعلومة المؤثرة إلى جميع متعاملي السوق المالية في وقت واحد. وكل من يخالف هذه القاعدة يُفترض أن يكون مخالفاً للأنظمة واللوائح الرسمية. للأسف الشديد، أعتقد أن لدينا من الأنظمة واللوائح الكثير، التي ربما ناهزت أنظمة ولوائح الأسواق العالمية التي سبقتنا بمئات السنين، إلا أن العبرة ليست في وجود اللوائح والأنظمة بل في تطبيقها، التطبيق الأمثل. تفعيل القوانين وتطبيقها بعدالة على الجميع هو ما ينقص السوق السعودية ولا شيء غير ذلك.

هناك من يُحاول ربط نجاح تطبيق معايير الشفافية على السوق السعودية من خلال إعلان نتائج الشركات الربعية والسنوية في وقتها المحدد، أو من خلال رسائل الاستفسارات التقليدية التي لا يُعرف حتى اليوم سبب لظهورها على شاشات التداول طالما أنها تبدأ بالاستفسار وتنتهي بنفي وجود (أي متغيرات تؤثر على سعر السهم). شفافية لا تقود إلى إظهار الحقيقة بل إلى (إبراء الذمة) وربما (الحماية القانونية) لا أكثر ولا أقل.

إعلان نسب كبار الملاك هي إحدى حسنات الشفافية التي لا يمكن إنكارها، إلا أنها تبقى ناقصة لاعتمادها على الأرقام الجامدة غير المدعمة ببيانات النوايا المستقبلية. قد تنقلب إيجابية بعض عناصر الشفافية المهمة إلى سلبية تربك المستثمرين وتدفعهم إلى اتخاذ قرارات مشوشة بناء على تفسيرات خاطئة لمعلومات غير مكتملة تقبل التفسير على أكثر من وجه. بعض نسب الملكية لا يطالها التغيير بالرغم من إمضاء عمليات شراء ضخمة، بحسب تأكيدات إعلامية صريحة. عندما تؤكد مجلة (يوروموني) بأن صندوق الاستثمارات العامة هي الجهة التي اشترت حصة (المملكة القابضة) في مجموعة سامبا في فبراير الماضي، ثم تقرن الخبر بتصريحات للسيد (منصور الميمان) الأمين العام للصندوق متعلقة بطرح حصة من أسهم البنك الأهلي التجاري في السوق، فإنها تستخدم أسلوب الإيحاء للربط بين السيد الميمان ومعلومات الشراء، بغض النظر عن صحة التوقع من عدمه. على العموم نسبة ملكية (صندوق الاستثمارات العامة) في سامبا لم تتغير، كما أن نسبة ملكية (صندوق معاشات التقاعد)، الذي يُفترض أن يكون المشتري الحقيقي، وفق بيانات السوق، وما أعلن صحفياً بتاريخ 12 - 3 - 2009 لم تتغير أيضاً!. بقيت نسب تملك الملاك الرئيسين في (سامبا)، وفق موقع تداول، على حالها دون تغيير حتى اليوم باستثناء خروج (المملكة القابضة) منها.

قد نتفق مع أي مؤسسة استثمارية حكومية تعتقد بأن تحفظها على بعض المعلومات يأتي ضمن سياق (المصلحة العامة)، أو (الضرورة)، إلا أننا نختلف مع عملية تمرير المعلومات بطريقة غير مباشرة، أو الإعلان عنها لجهات إعلامية غربية بعد شهرين من عقد الصفقة، متجاهلين المؤسسات الإعلامية الوطنية، وحاجة المستثمرين للمعلومات المباشرة في وقتها المحدد. الشفافية يجب أن تبقى كما هي في الإعلام السعودي والإعلام الغربي، لذا لا يمكن القبول بتطبيق معايير الشفافية كاملة أمام وسائل الإعلام الأجنبية، والانتقاص منها في حضرة الإعلام السعودي. كما أنه من غير المقبول أن تمرر بعض المعلومات المهمة التي يفترض أن تتزين بها شاشات التداول إلى الإعلام الأجنبي فيقرأه الخاصة، ويُغيب عن العامة، ويتيه في تفسيره من لا يملك القدرة على ربط البيانات، وتذكرها، ككاتب هذه السطور. أعتقد أن الإعلان عن (نسب التملك) الرئيسة لا يُفضي إلى تحقيق فلسفة الشفافية التامة، لأنها تأتي متأخرة على الفعل، ولا تُضَمَن أهداف المستثمرين الإستراتيجية التي يُعتقد أنها أكثر أهمية وموضوعية من إعلان الأرقام الصماء.

مجلة (يوروموني) نقلت معلومات مهمة، ومفيدة عن استعداد صندوق الاستثمارات العامة لطرح حصة من أسهم البنك الأهلي التجاري في السوق السعودية، وهو محور رئيس لا يمكن تجاوزه، أو المرور عليه بعُجالة، لذا نُرجئه لمقالة أخرى بإذن الله.

F.ALBUAINAIN@HOTMAILCOM



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد