نقطة تحول وسابقة في الاقتصاد العالمي سجلت في التاريخ بعد اتفاق أعضاء قمة العشرين على العمل بيد واحدة تجاه أعظم أزمة اقتصادية منذ الكساد العظيم، وسط رضوخ وتلطف كبرى اقتصاديات العالم مقابل الالتزام بأكبر إنفاق عالمي شهده التاريخ - حسب قول رئيس الحكومة البريطاني جوردن براون- حيث تم الإعلان عن ضخ 5 ترليونات دولار خلال عامي 2009 و2010م، في ظل تخوف الاقتصاديات الناشئة من عدم حصولها على حق التصويت الذي يتناسب مع حجم إنفاقها وحجم الناتج القومي لها كالصين والهند على سبيل المثال، وبلا شك صراع الحصص في صندوق النقد الدولي وحقوق السحب الخاصة ستلعب فيها السياسة دورا كبيرا لكن ما يهم المستثمرين بعد هذه القمة هو متابعة المؤشرات التي توحي بأن السياسة تجري على ما يرام أبرز هذه المؤشرات ارتفاع أسواق الأسهم لبضع شهور قادمة لقياس ثقة وتوقعات كبار صناع الأسواق أيضا رصد مؤشرات ثقة المستهلك وتنامي حجم إنفاقه لنرى كم هو المال عزيز عليه هذه الأيام، إضافة إلى مؤشر تابع لذلك المؤشرين ألا وهو مستوى الإنتاج الصناعي حيث إن المنتجين إذا أيقنوا أن المستهلك بدأ يثق في اقتصاده حتما سيخفف من سياسة الادخار لصالح الاستهلاك.
أما بالنسبة لمصير الخمسة ترليونات دولار فهو أسير للسياسيين في صندوق النقد الدولي وبراعتهم في مهارات التفاوض والإقناع، وغالبا ما تتطلب ممارسة مثل هذه المهارات عدة شهور، وإذا تم الربط بين السياسة من جهة واقتصاديات أسواق المال بتحاليلها الأساسية والفنية.
من جهة أخرى، يمكن القول بأن عامي 2009 و2010م سيشهدا بناء قواعد سعرية تأسيسية ومناورات شرسة على سطح هذه القيعان.
الدولار الأمريكي:
حقق مؤشر الطلبات الصناعية لشهر فبراير ارتفاعا إلى مستوى 1.8 وهذا دليل أن المنتجين بدأوا بجس نبض حاجات ورغبات المستهلكين، ومع وصول معدل البطالة لشهر مارس إلى 8.5% جاءت طلبات القروض العقارية في الإسبوع الأول من هذا الشهر لتحقق صعودا إلى 4.7 مما يعطي إيحاءات بأن التطورات الإيجابية في قطاع العقار منذ مطلع شهر مارس لا زالت إيجابية حتى الآن، ومع جني المستثمرين أرباحهم في أسواق الأسهم وبعض عملات العائد المرتفع عاد المتحفظون لممارسة بعض عاداتهم القديمة في التحصن بالعملة الأمريكية مما ساهم في تماسك هذه العملة بين مستوى 84 و86 أمام سلة من العملات، على الرغم من العزوم ليست بالقوية حتى الآن لتخوف الكثير من تجار الدولار من تداولات سحيقة في منطقة السبعينيات قد تعيده إلى قاع ديسمبر الماضي عند77 بشكل سريع جداً.
اليورو مقابل الدولار الأمريكي:
لا جديد يذكر في تداولات هذا الزوج عدا صفقات اختبار ناجحة لدعم 1.32 وبنظرة سريعة على الخطوط الرئيسية للاتجاه الهابط والصاعد الموضحة باللون الأحمر يتضح بأن الوقت لا يسير لصالح الزوج ولا مجال للحيرة فإما أن تنتهي بتجاوز 1.38 أو كسر 1.29 ويبدو أن الاحتمال الأول أرجح والسبب العزوم المتصاعدة في مؤشر القوة النسبية على الرغم من أن مستوى 52 في هذا المؤشر يشكل عائقا ولكن بشكل مؤقت.
الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأمريكي:
نجاح مبهر حققه ثيران هذا الزوج (المشترين) بتجاوز مقاومة 1.45 واختراق خط الاتجاه الهابط وبعزوم قوية تتخطى منطقة 39 في مؤشر القوة النسبية، وبذلك يصبح مستوى 1.57 هدفا سعريا سهل المنال بالنسبة للمشترين والسبب هو عدم وجود مقاومات جادة كتلك التي كان يقبع عندها الزوج طيلة الأربعة شهور الماضية.
الدولار الأمريكي مقابل الين الياباني:
تحسن ملحوظ في الاقتصاد الياباني ترجم نفسيا أسواق الأسهم هناك كان ذلك على حساب الين والدولار الذي يستفيد من حالة جني الأرباح في الأسهم الأمريكية وانخفاض شهية المخاطرة، اتضح ذلك من الصراع التقليدي بين العملتين خصوصا عند مستويات 95 و99 لكن الغلبة تبدو للدولار بسبب الضعف الكبير للين أمام عملات العائد المرتفع كالدولار الكندي مثلا، وعطفا على توقعات الأسبوع الماضية التي كانت قريبة جدا من وقائع هذا الزوج المتعب تم اختبار منطقة 102 ويرجح تجاوزها خلال الشهر الحالي والسبب سيطرة المشترين في الشهر الماضي وعدم وجود أي بوادر ضعف في القوة النسبية حتى الآن.
اليورو:
أكثر ما يقلق الأوربيين من خطط تحفيز قمة العشرين هو أنهم ملزمون بالمساهمة في الإنفاق الدولي مع علمهم الأكيد من أن أول المتعافين هي الولايات المتحدة الأمريكية يليها منطقة اليورو التي ستنتظر طويلا حتى يصلها مد الانتعاش الاقتصادي الذي إن حدث سيستغرق نصف عام على الأقل حتى يصل إلى الشواطئ الأوروبية، أما بالنسبة لقرار المركزي الأوروبي حول قطع سعر الفائدة ربع نقطة مئوية فلم يحظ باهتمام المستثمرين بسبب أحداث القمة.
أما البيانات الاقتصادية وخصوصا الإقتصاد الألماني الذي صدر عنه توسع جديد في الفائض لشهر فبراير إلى 8.7 مليار يورو وانخفاض مبيعات التجزئة لشهر فبراير بنسبة 0.9% لكن مع زيارة مستوى 33.9 لمؤشر مديري المشتريات الصناعي الخاص في أوروبا عموما لشهر مارس تزامن ذلك مع تطور كبير لمؤشر مديري المشتريات للخدمات محققا قيمة 40.1 يتضح بأن القراءة إيجابية إذا ما تم مقارنتها بالأشهر الخمسة الأخيرة.
الجنيه الإسترليني:
يحتفل اقتصاد العملة الملكية ببيانات اقتصادية مميزة هذا الأسبوع أتت بعد طول انتظار أبرز ما تم الإعلان عنه هو تحقيق مؤشر مديري المشتريات للبناء في شهر مارس قيمة 30.9 مقارنة بالقراءة السابقة عند 27.8 جاء ذلك بتعزيز من مؤشر مديري المشتريات للخدمات الذي ارتفع إلى مستوى 45.5 لشهر مارس مما يؤكد بأن قطاع الخدمات الأبرز في بريطانيا يستعد لتلبية رغبات المستهلكين من جديد.
الين الياباني:
مر وقت طويل لم نسمع من السوق اليابانية سوى الأخبار السلبية أو وعود بخطط إنعاشية إضافة إلى جمود السياسة النقدية المتمثلة بتثبيت سعر الفائدة، ومع قدوم هذا الأسبوع أعلنت وزارة المالية هناك عن خطط إنقاذ قد تكلف خزانة الدولة أكثر من10 تريليونات ين، تفاعلت معها أسواق الأسهم هناك بشكل حاد نهاية الأسبوع خصوصاً بعد نجاح قمة العشرين في لندن أما نصيب هذه العملة من هذه الأخبار هو إما الإنخفاض أكثر أو التماسك عند هذه المستويات تماما كما يريد الساسة هناك حيث من مصلحتهم انخفاض الين لتسويق إنتاج مصانعهم بسهولة.
وليد العبدالهادي