شكلت ثورة تكنولوجيا المعلومات أحد أهم الأحداث التي شهدها العالم أواخر القرن الماضي وتسعى المرأة في ظل هذا الوضع لاكتساب المزيد من المهارات والخبرات للحاق بركب القيادة في قطاع الأعمال ولم يكن الوطن العربي ودول مجلس التعاون في معزل عن ذلك، بل دخلت هذه الثورة في صلب الحياة اليومية والبنية الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات العربية.
ومن هنا بدأت منطقة الخليج بوضع عدد من الإستراتيجيات لمواكبة التقدم الذي يشهده العالم في مجال تكنولوجيا المعلومات لا سيّما فيما يتعلق باستخدام الحاسب الآلي في مختلف المجالات.
وكانت المملكة إحدى الدول الرائدة في تبنّي خطط وسياسات تتّفق مع هذه التوجّهات الجديدة، وكان أحدها إنشاء منظّمة رخصة الحاسب الآلي التي تقود جهود المملكة في نشر الثقافة الرقمية في المجتمع السعودي من خلال تعميم (برنامج الرخصة) الذي يمكّن الأفراد من اكتساب مهارات استخدام الحاسب الآلي وتطبيقاته الأساسية، إلى جانب الارتقاء بمستوى الأداء الوظيفي في مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة.
بناء مجتمع متكامل
وانطلاقاً من رؤية وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين المتمثلة في بناء مجتمع متكامل، عمدت الهيئات الحكومية إلى تشجيع دمج المرأة وإعدادها للمشاركة في دعم مسيرة التنمية في المملكة. حيث أصدر مجلس الوزراء قراراً يقضي بزيادة فرص عمل المرأة في المجالات التي تناسبها في الأجهزة الحكومية والخاصّة، الأمر الذي أثمر عن تكثيف الجهود في مجال تأهيل المرأة للاندماج في سوق العمل من خلال عدد من الهيئات بما فيها (مؤسسة التدريب التقني والمهني)، التي عمدت إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للتدريب التقني والمهني في المجالات التي تناسب المرأة، إضافة إلى قيام الجهات المعنية بتوسيع البرامج التعليمية الصحية النسائية وتكثيفها كماً ونوعاً، هذا إلى جانب العمل على تأنيث الوظائف في القطاع التعليمي الخاص بالمرأة، وإيجاد برامج التوظيف الإلكترونية التي تيسر عمل المرأة عن بعد في المجالات الوظيفية المختلفة وتلقى مبادرة تفعيل المرأة اهتماماً كبيراً من الحكومة السعودية بمختلف هيئاتها، حيث بدأت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات مؤخّراً بإطلاق مشروع ضخم يهدف إلى إنشاء مكتب خاص لموظّفي الوزارة من النساء، في خطوة لتفعيل دور المرأة والحفاظ على خصوصيتها في آن واحد. كما تعتزم الوزارة في وقت لاحق القيام بخطوات مماثلة في 13 منطقة مختلفة في المدن الكبرى. وأعلنت وزارة العمل أيضاً دعمها لهذه المبادرات من خلال قيامها ببناء البنى التحتية اللازمة لإنشاء هذه المراكز.
قيادات نسائية في قطاع التعليم
كما أوضحت وزارة التربية والتعليم عن توجهاتها لترشيح عدد من القيادات النسائية اللاتي يعملن في الإدارات والمكاتب التعليمية لشغل مناصب مدير عام التربية والتعليم في نحو 41 إدارة تعليمية للبنات في مختلف مناطق ومحافظات المملكة.
ولم تقتصر هذه المبادرات على نطاق الوزارات فحسب، بل شملت أيضاً الجامعات التي عمد بعضها إلى إدراج برنامج الرخصة الدولية ضمن إستراتيجياته التعليمية. وتعدّ (جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن)، أوّل جامعة للبنات في المملكة العربية السعودية، واحدة من الجامعات الرائدة في مجال تطبيق برنامج الرخصة الدولية، حيث أصدرت قراراً يقضي بضرورة الحصول على الرخصة الدولية لقيادة الحاسب الآلي خلال السنة التحضيرية الأولى من الدراسة، وبالتالي تأهيل الطالبات للتمكّن من كافة الوسائل التعليمية التي توفّرها التكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى إيجابياتها على المدى الطويل في دمج الطالبات المؤهّلات في أسواق العمل. وفي خطوة مماثلة عمدت أيضاً (جامعة الملك سعود - قسم البنات) إلى تبنّي البرنامج خلال السنة التحضيرية كبرنامج تأهيلي، في خطوة لدعم المرأة تعليمياً وأكاديمياً. وتمثّل هذه المبادرات من قبل جامعات كبيرة في المملكة خطوة مهمة نحو تعميم هذه الممارسات في كافة الجامعات والمعاهد والمؤسسات الأكاديمية في السعودية.
295 ألف امرأة عاملة
وتشير دراسات إحصائية إلى أنّ عدد النساء العاملات في الهيئات الحكومية يبلغ حالياً نحو 250.000 امرأة سعودية، في حين يبلغ عدد اللواتي يعملن في شركات القطاع الخاص حوالي 45.000 امرأة، وهذا عدد قليل إذا ما قارناه بعدد السكان البالغ 24 مليون نسمة. وتفيد دراسة أجرتها (غرفة الرياض) بارتفاع أعداد النساء في السعودية مقارنة بنظرائهنّ من الرجال بحلول العام 2010 الذي من المتوقع أن يشهد ارتفاعاً كبيراً في التعداد السكاني في المملكة والذي سيتجاوز 26 مليون نسمة. كما أشارت هذه الدراسة أيضاً إلى إمكانية تفوق المرأة على الرجل في مجال تحقيق التدرّج المهني والنجاح في تولّي المناصب العليا.
ويوجد في المملكة حالياً نحو 120 مركزاً أهلياً متخصّصاً في تدريب النساء على (برنامج رخصة قيادة الحاسب الآلي) من أصل 300 مركز معتمد من قبل وزارة الخدمة المدنية في السعودية.