«الجزيرة» - منيرة المشخص
لم يسجل معرض العقار الثاني عشر بالرياض هذا العام الحضور المرجو بالنسبة للعائلات مقارنة بالعام الماضي، ولعبت أسباب عديدة في هذا التراجع أبرزها تغير موقع المعرض والارتفاع المتواصل لأسعار العقار وقلة عدد أيام المعرض وتركيز الشركات على عقد الصفقات فيما بينها دون التركيز على الجمهور والعملاء الذين من المفترض أن تقوم الشركات بطرح عروضها عليهم وإغرائهم بأسعار جاذبة في ظل الوضع الاقتصادي الراهن والخسائر التي مُني بها الكثيرون في سوق الأسهم إلى جانب ارتفاع الأسعار المتواصل. وفي هذا الصدد التقت (الجزيرة) بعدد من الزوار، حيث تقول المتسوقة نسرين عبد التواب إنها تفاجأت بالعروض.. وقالت: لا تزال مرتفعة. وزاد زوجها الحسن: الأسعار مرتفعة جداً، وتمنى أن تنخفض لتتناسب مع الطبقة ذات الدخل المحدود.
أما نورة القحطاني مشرفة تربوية فحضرت للمعرض من أجل الشراء وقالت: تنظيم المعرض جيد ولكن تفاجأنا بتحديد يوم واحد فقط للعائلات كما أن بعض العوائل لم تعرف الموقع الجديد وذهبت إلى القديم وبالتالي فقدت فرصة التسوق المتمثلة في يوم واحد حيث لم يكن هناك توضيح كاف عن الموقع الجديد. ويرى ابنها عبد الكريم الخالدي (طالب جامعي) أن الأسعار لم يطرأ عليها أي تغيير فلا تزال مرتفعة كثيراً. وأشادت المتسوقة هنا العنزي بالمعرض وقالت إنه يعد فرصة للمتسوقين وأبانت أن هدف زيارتها هو للبحث عن عقار استثماري كقطعة أرض أو بناء.
مجسمات رائعة لا تشبه الواقع
كما التقينا بالمهندس المدني ناصر حسين حيث قال: نجد المشروع الذي يتم عرضه في المعرض، وأقصد به المجسم شامل لكل شيء وأن الخدمات متوفرة، وهذا اعتبره تضليلاً للعميل لأننا كثيراً ما نجد عكس ذلك على أرض الواقع، فالمجسمات لا تعكس واقع المشروع بدقة لأن المشتري سيكتشف العيوب بعد استلامه للمبنى، أي بمعنى أن أغلب من يقدمون خدماتهم في مثل هذا المعرض يبيعون أحلاماً. ويضيف ناصر: للأسف لا يوجد نظام أو قانون صارم يطبق عليهم فمثلاً دبي ترفض أن يقدم المستثمر مثل هذه العروض حتى يودع مبلغاً في البنك ويكون أيضاً قد بدأ البناء بالفعل، ولكن لدينا هنا العكس، وفي النهاية سيكون المشتري هو المتضرر ومن يدفع الثمن.
الرهن لا يزال مطلباً
والتقت (الجزيرة) بعدد من المستثمرين حيث يرى عبد العزيز الدعيلج الرئيس التنفيذي للشركة الأولى العقارية أن تكاليف البناء انخفضت أسعارها مؤخراً كما أن المطور بدأ يقلل من استخدام مواد البناء، وهذا يشكل عامل جذب لطالب العقار من جانب السعر، وقال: المطلوب الآن هو إيجاد أدوات تمويل عقاري في ظل الأوضاع العامة، فليس هناك من يستطيع دفع مليون أو مليونين لشراء وحدة سكنية.. وأضاف: يظل الرهن العقاري هو حجر الزاوية الذي سينطلق منه تطور العقار بالمملكة لأنه سيضع حلولاً للكثير من المشكلات فيما يتعلق بالتملك.
ويؤكد عمر القاضي المدير التنفيذي لشركة إنجاز حول ملاءمة الأسعار المطروحة في المعرض لجميع شرائح المجتمع لتملك عقار أن الأسعار يحكمها العرض والطلب وفقاً للمنطقة والمدينة والموقع والخدمات المتوفرة. ونفى القاضي ما يتردد عن أن ارتفاع العقار سببه محاولة بعض المستثمرين استرجاع خسائرهم التي حدثت في وقت ارتفاع سوق الأسهم. وأضاف: للأسف نعاني من غياب الثقافة العقارية فنجد لدينا قرابة عشر آلاف مكتب عقاري رغم أن الشركات العقارية الفعلية لدينا محدودة وعددها قليل مقارنة بوضع البلد وهذا نتيجة انعدام ثقافة المجتمع حول مفهوم العقار. وتابع: المسألة تحتاج إلى تنظيم ووعي في المجتمع فلو نظمنا مثل ما هو قائم في أمريكا مثلاً في مجال التطوير العقاري التي نجد فيها كل شركة تستلم جزئية في العقار ولكن ما يحدث لدينا وللأسف عشوائي.. وأبان: لو كان هناك هيئة تشرف على العقار لرأينا التنظيم والانسيابية تسودان في القطاع.
وذكر المستثمر العقاري سلمان بن سعيدان أن هناك طريقة من الممكن أن تقلل قيمة سعر العقار بشكل كبير وهو أن يتكفل المشتري بإكمال منزله كأن يقوم بتركيب التكييف أو السيراميك وغيرها من التشطيبات وبالمقابل عليه أيضاً أن يقدم تنازلات مثل أن يقلل مساحات بناء وبعض المواصفات التي يريدها في منزله فالذي راتبه خمسة آلاف وأقل بطبيعة الحال لن يستطيع أن يشتري عقاراً بقيمة خمسمائة أو ستمائة ألف ريال وأكثر.. وهنا يرى ابن سعيدان أن الدولة من المفترض أن تدعم المواطن، فالبنك يعطيه قرضاً بفوائد تبلغ 5% وعند السداد سيكون قد أعاد قيمة العقار مضاعفاً إذا لم يستفد شيء. ويضيف: القرض الذي يتم منحه للمواطن وقيمته ثلاثمائة ألف ريال لماذا لا يتم رفعه إلى خمسمائة أو ستمائة ألف؟ كما حصل في بعض دول الخليج فنحن كمستثمرين نقلل المساحات ونقلل التكلفة لنساعد طالبي المسكن على توفير السعر المعقول على قدر المستطاع ولكن نرى أن اليد الواحدة لا تصفق. سلطان آل عجلان مدير تنفيذي لشركة وساطة وخدمات متعددة في المجال العقاري قال: هناك ندرة في شركات الوساطة رغم ما سمعنا بأن عدد شركات الوساطة بلغ لدينا في السعودية قرابة 14 ألف شركة. وحول دور الشركة الوسيطة وأنها لا تبحث عن مصلحتها مع المالك على حساب المشتري وهل تختلف عن ما يقوم به المكتب العقاري، أوضح أن الشركة تأخذ مكان المستشار للمالك والمشتري وتتعامل مع الطرفين بشفافية ونحن في شركتنا لا نلجأ للاستثمار بل الوساطة والسمسرة فقط ولكن لا تزال شركات الوساطة وكذلك المكاتب العقارية بحاجة إلى تنظيم وننتظر إطلاق هيئة متخصصة للعقار لإدارة القطاع بشكل احترافي.