اليوم يعاني جميع بلدان العالم من تأثر الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي تنعكس في الانخفاض الملحوظ للإنتاج وزيادة البطالة وانخفاض مستوى معيشة الناس.
ومن الطبيعي أن الأزمة تؤثر تأثيرا سلبيا على اقتصاد أوزبكستان أيضاً، فمثلا: تنخفض أسعار المنتجات المصدرة من أوزبكستان بسبب انخفاض الطلب على هذه المنتجات في السوق العالمية، وبالتالي، تقلّ الإيرادات من التصدير، وتنخفض ربحية الإنتاج، الأمر الذي ينعكس بلا شك على سرعة التنمية والمؤشرات الاقتصادية.
رغم ذلك استطاعت هذه البلاد التجاوز من تأثيرات الأزمة المالية بل أنهت السنة بموازنة إيجابية.
إذن، في العام 2008م زاد إجمالي المنتوج الداخلي وبلغ 109%، وبلغت سرعة التطور في الصناعة 112.7% ومنها في إنتاج المواد الاستهلاكية - 117.7%، وقطاع الخدمات - 21.3%.
وتطور أهم قطاعات الاقتصاد الأخرى بسرعة مستقرة: زاد قطاع البناء على 8.3%، قطاع النقل والمواصلات على 10.2%، وقطاع التجارة على 7.2%.
وبلغت سرعة التطور في الزراعة 104.5%، وتم إنتاج القطن الخام 3.410 مليون طن، وتم إنتاج الحبوب 6.330 مليون طن، ومنها القمح 6.145 مليون طن.
وتم إنجاز ميزانية الدولة، وبدلا عن العجز المفترض تم إنجاز الدخل قدره 1.5% من إجمالي المنتوج الداخلي.
وقد تم الحد من التضخم في حدود التنبؤات المفترضة أي على مستوى 7.8% في السنة وذلك نتيجة للسياسة النقدية القرضية القاسية المعتدلة.
وفي الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء المكرس لنتائج التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2008م ولأهم الأولويات لبرنامج الاقتصادي لعام 2009م عرض رئيس أوزبكستان إسلام كريموف (خاريطة الطريق) للتجاوز التهديدات التي تحملها الأزمة العالمية وللفترة ما قبل الأزمة.
وقد حدد الرئيس الأوزبكي الأولويات الأساسية لتطوير الاقتصاد في الظروف الصعبة على أساس التحليل الموضوعي والنقدي.
وكانت أوزبكستان كونها جزءا من المساحة الاقتصادية العالمية المتكاملة من إحدى الدول الأوائل التي بدأت في النصف الثاني من عام 2008م إعداد برنامج الإجراءات المضادة للأزمة آخذا بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية المعينة.
وتم تشكيل اللجنة الحكومية والفرق في المناطق لمتابعة إنجاز البرنامج. ووُجهت مجموعة التدابير للبرنامج المضاد للأزمة إلى معالجة القضايا التالية:
أولاً: إسراع في تجديد المرافق وتجهيزها الفني والتقني، وإدراج التكنولوجيا المرنة الحديثة، ويخص هذا الأمر قبل كل شيء فروع الاقتصاد الموجهة للتصدير.
هناك مهمة إسراع تنفيذ برامج التجديد في الفروع، وإعادة التجهيز الفني والتقني للمرافق الإنتاجية، والانتقال إلى الموصفات العالمية للجودة، الأمر الذي يضمن توفير المواقف الثابتة سواء كان في الأسواق الخارجية أو الداخلية.
ثانياً: تحقيق الإجراءات الموجهة إلى دعم المرافق المصدِّرة في ضمان قابليتها للتنافس في الأسواق الخارجية في الظروف الصعبة وتكوين الحوافز الإضافية للتصدير، وخصوصاً:
- تقديم التسهيلات في القروض لتكملة أموال التداول لمدة 12 شهرا بسعر الفائدة لا يزيد عن 70% من سعر إعادة تمويل للمصرف المركزي.
- تمديد فترة الإعفاء من الضرائب حتى العام 2012م من دفع جميع أنواع الضرائب ما عدا ضريبة على القيمة الإضافية والمؤسسات بالرأسمال الأجنبي المتخصصة في إنتاج المنتجات الجاهزة.
- إعادة هيكلة الديون المؤجلة والجارية من قروض البنوك وإلغاء دفع غرامات المدفوعات للميزانية وتقديم التسهيلات الأخرى.
ثالثاً: رفع تنافسية المرافق على حساب تنفيذ نظام التوفير وتحفيز تخفيض المصروفات الإنتاجية وتكلفة المنتوج. وأخيراً، تمت الموافقة على اقتراحات المؤسسات الاقتصادية بشأن تحقيق الإجراءات الموجهة إلى تخفيض تكلفة المنتوج لا يقل من 20% في السنة الجارية في القطاعات الرئيسة لاقتصادنا. يتم إعداد الآلية الفعالة لتحفيز الرؤساء المسؤولين على تخفيض التكلفة.
بالإضافة إلى ذلك في البرنامج المضاد للأزمة تمت إعداد الآلية حول الحد من ارتفاع الأسعار في العام 2009م على جميع أنواع الطاقة والأنواع الرئيسة للخدمات لا يزيد عن 6-8% وذلك تحققا لربحية إنتاجها.
رابعاً: تحقيق الإجراءات حول تجديد الطاقة الكهربائية، تخفيض استخدام الطاقة وتطبيق نظام التوفير للطاقة. وتتعلق زيادة تنافسية اقتصاد أوزبكستان، ورفع رفاهية السكان من الاستخدام العقلاني لموارد الطاقة والكهرباء.
خامساً: يلعب دعم المنتجين الوطنيين دوراً مهماً في الحفاظ على السرعة العالية للتنمية الاقتصادية من خلال تحفيز الطلب في السوق الداخلي وذلك في ظروف انخفاض الطلب في الأسواق العالمية.
ولتوسيع برنامج تطوير الإنتاج في المناطق مكان مهم في تحقيق هذه الأهداف، ويفترض زيادة حجمه ب3 و4 أضعاف.
وفي برامج التحفيز لتوسيع إنتاج المواد الاستهلاكية الغذائية وغير الغذائية يفترض نظام الحوافز الواسعة للمرافق الإنتاجية الوطنية، خاصة، قُدمت لها تسهيلات ضريبية وجمركية حتى عام 2012م وذلك من خلال:
- تخفيض الضريبة الموحدة إلى 50% للشركات والمؤسسات الصغيرة التي تتخصص لتصنيع اللحوم والألبان، ويتم تخصيص المبالغ المعفاة من الضرائب إلى التجهيز الفني والتقني وتجديد الإنتاج.
- إعفاء المؤسسات المنتجة لبعض أنواع المنتجات الجاهزة غير الغذائية من الضريبة على الدخل والضريبة على الأملاك والضريبة الموحدة الخاصة بالشركات والمؤسسات الصغيرة.
إن بعض الإجراءات التي تحمي اقتصاد أوزبكستان من التأثير السلبي للأزمة المالية العالمية لم يتم تشكيلها فجأة ولا في ظروف الأزمة كما هو الحال اليوم، إنما تم إعداد الطريق الخاص لنا للانتقال إلى السوق سابقا. وفي الوقت الحاضر تضمن مبادئ هذا الطريق وإرشاداته تحقيق مصالح البلاد طويلة الأمد بل هي كفيل للخروج من الظروف الصعبة ومنها في ظروف الأزمة المالية العالمية.
ونضيف إلى ذلك السياسة المرنة والرشيدة لجلب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد على أساس طويلة الأمد وأسعار الفائدة المخفضة والرفض عن القروض قصيرة الأمد التي تبدو سهلة ومفيدة، ونضرب النتيجة في الطريفة (الأوزبكية) الخاصة للإصلاح والتجديد الفني والتقني وتنويع اقتصاد أوزبكستان وفي الأخير نحصل على ثقة المستثمرين الأجانب واطمئنانهم على الأموال المستثمرة حتى في ظروف الأزمة المالية العالمية.
في أوزبكستان يحافظ على الأموال بل هي تعود بالمردود، تصف زيادة أحجام الاستثمارات وضعية الاقتصاد، في عام 2008م ازداد حجم الاستثمارات الأجنبية على 46%، ومن المتوقع أن يزداد هذا المؤشر في السنة الجارية، وهذا يعني زيادة الإصلاحات الهيكلية، وزيادة الإنتاج وتشكيل فروع الاقتصاد الجديدة.
ومن النتائج الإيجابية يمكن الإشارة إلى زيادة توظيف السكان، وهذا المؤشر يعتبر أحد المؤشرات للصعود الاقتصادي لأوزبكستان:
في عام 2008م تم تكوين 661 ألف وظيفة جديدة، وتشير الإحصائيات المتزايدة لتوظيف السكان إلى أن أغلبية من الوظائف تأتي إلى نصيب الأعمال الصغيرة، حيث سُجل 374 ألف وظيفة جديدة من إجمالي الوظائف، ومنها في قطاع الخدمات 220 ألف وظيفة، والعمل المنزلي 97.8 ألف وظيفة.
وأصبح قطاع الأعمال الصغيرة في مقدمة اقتصاد البلاد نتيجة التجديد: وازدادت مؤشرات هذا القطاع في إجمالي حجم المنتجات الصناعية إلى 22%، وازداد الثقل النوعي من 45.5% عام 2007م إلى 48.2% في العام الماضي، أي يشير هذا المؤشر إلى الطابع الديناميكي الثابت - 76% من سكان البلاد يعمل في هذه القطاعات.
ولتطوير القطاع المصرفي المالي للبلاد دور مهم، وتم توجيه الإصلاحات إلى ضمان زيادة الرأسمال، الأمر الذي أتاح الفرصة للقطاع المصرفي لزيادة الرأسمال والسيولة النقدية في البلاد. فإن قضية السيولة والأزمة في سوق القروض والنقص الشديد للأموال كانت نقطة الانطلاق للأزمة الاقتصادية والمالية في العالم. وتم توجيه وسائل بنوكنا واحتياطاتها إلى هيكلة وتجديد الإنتاج وضمان إنتاج المنتجات التنافسية.
وتسمح سياسة الدولة الموجهة إلى ضمان النشاط المستقر والثابت للقطاع المالي والاقتصادي والمصرفي والنقدي وكذلك جميع قطاعات الاقتصاد الواقعي تسمح لأوزبكستان أن تضرب جميع الأرقام القياسية للالتزام بمواصفات ومقاييس المؤسسات العالمية، بل تضمن تقديم الخدمات حسب حسابات الأفراد والمؤسسات في وقته المناسب. وكما أعلن رئيس الجمهورية في الوقت الحاضر أن حجم أصول المصارف يزيد عن حجم المبالغ الموجودة في حسابات الأفراد والمؤسسات بمرتين.
ومن أهم الإنجازات للقطاع المصرفي لأوزبكستان في العام الماضي كان الحصول على (تقييم) (مستقر) من وكالة (موديس) العالمية للتقييم في ثلاثة مواقف: استقرار النظام المصرفي المالي؛ الإيداع طويل المدى في العملة المحلية؛ الإيداع طويل المدى في العملة الأجنبية. كما جاء في تقرير الوكالة:
إن التقييم الإيجابي للنظام المصرفي يعكس متانة محيط الرقابة المصرفية، والزيادة المؤكدة للنظام المصرفي، والتغيرات الهيكلية في النظام المالي وزيادة الاقتصاد الوطني.
وأعطت وكالة (موديس) تقييما إيجابيا للمصرفين وهما البنك الوطني للنشاط الاقتصادي الخارجي ومصرف (غلا بنك)، وقيّمت وكالة أخرى وهي وكالة (فيتش) العالمية للتقييم بنوك الجمهورية مثل (بختا بنك) و(حمكار بنك) و(أوزبرومستروي بنك)، و(أساكا بنك) تقييما إيجابيا.
وكذلك تجدر الإشارة إلى أن إجمالي القرض الخارجي لأوزبكستان في 1 يناير عام 2009م يبلغ 13.3% من إجمالي المنتوج الداخلي ويعتبر (أقل من معتدل) حسب التصنيف العالمي.
فإن التحليل الأوضاع الحالية في أوزبكستان يؤكد إمكانية وأهمية حيوية لاستمرار برنامج البلاد للتجديد الموجه إلى ضمان رفاهية الشعب قبل كل شيء وتنافسية الاقتصاد الوطني في الأسواق العالمية.
سفير اوزباكستان لدى المملكة