عوض صديق لأحمد فقد كان الأول بمثابة الظل للثاني جمعتهما صداقة قديمة ترسخت على مر الزمن واشتد عودها حتى أصبحا بمثابة شخص واحد فكانا يتقاسمان لقمة العيش وقد انطبق عليهما المثل القائل (رب أخ لك لم تلده أمك) فقد كانا أخوين بالمعنى الكامل للأخوة يمضيان أكثر وقتهما مع بعض ومتضامنان في السراء والضراء.
وفي يوم من الأيام بينما كان أحمد ينتظر صديقه عوض حسب المعتاد تأخر عوض بل لم يحضر بتاتا وانشغل بال صديقه أحمد وبدأ يقلق عليه فيحاول الاتصال به هاتفيا ولكن دون رد مع أن الهاتف يرن ويزداد قلقه وبدأ يشطح به التفكير بعيدا ويتساءل هل جرى له مكروه لا سمح الله؟ هل/هل؟
فما كان من أحمد إلا أن يتصل بقريب لعوض الذي أخبره أن عوضا يرقد في المستشفى وفي حالة حرجة يقاطعه أحمد /حرجة/ يا ساتر كيف هذا؟ وماذا جرى له؟ ويسرع أحمد إلى المستشفى الموجود فيها صديق عمره ويدلف إلى غرفته ويا لهول المنظر فقد ذهل لا بل صدم من شدة ما رأى حيث اللفائف البيضاء تحيط بصديقه من كل جانب وأدوات لتربيط تكبل بعض أجزاء جسمه منها إلى أعلى ومنها إلى الأسفل فصديقه في حالة لا يحسد عليها ويبادره أحمد/ سلامات/ سلامات/ ماذا أصابك يا رجل؟ ويضحك عوض ضحكا شديدا ومتواصلا حتى أن أضلعه كادت تنغرز في جسمه من شدة الضحك ويدهش صديقه أكثر ويحدثه قائلا بعد كل هذا تضحك؟ عجيب أمرك ويجيبه عوض وهل يفيد غير الضحك؟ فماذا تراني أفعل أبكي أم أصيح ماذا يفيد ذلك ويسأله أحمد ماذا جرى لك وكيف؟
عوض اسمع يا صديقي ما حدث لي يكاد لا يصدق لولا أنه جرى معي لما أخبرتك ويقص عليه حكايته قائلا:
في الليلة الفائتة بينما كنت أغط في نوم عميق ينقطع التيار الكهربائي ولما كان الوقت صيفا والحر شديدا تركت الغرفة إلى شرفة البيت هربا من الحر ولعل نسمة باردة تخففه كي أكمل بقية نومي في تلك الليلة وكما يرى النائم فقد ناداني منادٍ أن الحافلة بانتظارك لتأخذك إلى الجنة وفعلا ركبت في الحافلة التي لم يكن فيها إلا السائق الذي سار بسرعة كبيرة فقلت في نفسي هذا أفضل فالجنة قاب قوسين أو أدنى وأي شيء أعظم وأجمل من الوصول إلى الجنة بسرعة وصرت ألتفت يمنة ويسرة أتمتع بالمناظر الخلابة التي تسر الناظرين وأيقنت أن الطريق مؤداها إلى الجنة ونصل إلى مفترق طرق يمينا ويسارا وتظهر لوحات إرشادية تفيد أن اليمنى إلى الجنة واليسرى إلى النار فما كان من السائق إلا أن يتجه يسارا وهنا ثارت ثائرتي وأخذت أصرخ على السائق يا هذا إلى أين تأخذني لقد أخطأت الطريق ألم تر لوحة طريق الجنة - عليك أن تتوقف وترجع إلى طريق الجنة ولكن السائق لا يأبه بي ويصر على السير قدما باتجاه النار فما كان مني إلا رميت بنفسي من الحافلة لأجد حالي في المستشفى على ما تراه وقد سقطت من الشرفة ويشاركه صديقه أحمد الضحك أكثر فأكثر ويقول له الحمد لله انك لم تسقط في النار وبعض الشر أسهل من غيره وندعو الله أن يحقق حلمك في الآخرة.