تمنيت أن الجروح ضيوف تزورني أياما ثم ترحل.. تمنيت أنها غيمة تعصف بي ثم تذهب.
تمنيت، وتمنيت، وتمنيت... ولكن، لم تكن إلا أماني.
بات ذاك الضيف الثقيل يدمي قلبي، وما كان لي إلا أن أُكرم ضيفي بدمعي...
كل ليلة يسامر دمعي خدي ويرسم له مسارا جديدا!؟ وكل ليلة أبشر نفسي بأن ضيفي سيرحل، نعم سيرحل، لا بد له أن يرحل!!
لكي يزور غيري ويبكيه فأنا أعرفه، يعشق الدموع، ويتلذذ بها!
لم أزل أتذكر تلك الليلة الباردة، التي زارني فيها ضيفي لأول مرة، عندها بكيت.. وبكيت.. وبكيت.
وكأني طفل صغير يريد أمه! ولم يكن يقاطع بكائي شيء.
إلا صوت الرياح الباردة، كان يرعبني، فأتوقف لحظات أتأمل خشونة ذلك الصوت، وفجأة! يعصف بي مرة أخرى ولكن هذه المرة.. بقوة..
وتصاحبه قرقعة الأبواب، ولم أعرف هل هذه الأبواب خائفة مثلي!
أم أنها خائنة، ساخرة مني! فتسري في داخلي رعشة غريبة، ينتفض منها كامل جسدي.
هل هو الخوف من المجهول؟ أم أنه برد الشتاء، يعاودني ذاك الصوت، فيراودني هذا الشعور.
أضم لحافي إلي بقوة، أبكي بهستريا جنونية، فكلما زاد الصوت قوة، زاد تمسكي بذاك اللحاف.. ينتابني شعور بأن كل من في الكون خائن إلا ذلك اللحاف، فأضمه وأبكي بحرقه، فهو الذي يلملم شتاتي كل ليلة.. كما هو الليلة. كل ما في الغرفة بارد إلا دموعي حارقة، تضايقني أشعة الشمس، لتلوح بيوم جديد لم تمض سوى سويعات من هذا اليوم فإذا بضيفي يزورني، خاب ظني، لا يوجد من هو أوفى من ضيفي، فهو لا يقطع بي..