Al Jazirah NewsPaper Friday  10/04/2009 G Issue 13343
الجمعة 14 ربيع الثاني 1430   العدد  13343
ثانوية الشورى بالرياض كمثال
د. محمد أبو حمرا

 

رسالة التعليم والمعلم رسالة سامية وصعبة جداً، وهي في غاية الحساسية لتكوين فرد يعيش مستقبله بناء على تكوين فكري وسلوكي تلقاه زمن مراهقته، أي أن دور المدرسة والمدرس لهما الأثر الأكبر في تكوين مفاهيم وسلوكيات ذلك الفتى المقبل على باب الجامعة بما يحمل من ثقافة وفكر.

والمدارس الثانوية المتميزة تكون حديث مجالس الآباء عند تخرج أي ابن لهم من المتوسطة والبحث له عن ثانوية جيدة في أدائها رسالتها بكل شفافية ووضوح، ولأن المواطن أصبح يعرف جيداً أن الاستثمار الآن هو في الأجيال لا المال، لأن المال يفنى بعد صاحبه، أما الأجيال فتتعاقب حسناً أو قبحاً لمورثهم.

ومن هنا يكثر الزحام على أبواب المدارس الثانوية المتميزة، ويستنفر الآباء كل طاقاتهم و(معارفهم) للتسجيل في الثانوية الفلانية بدلاً من تلك.

وحيث إن لدينا في حي الروضة شرق الرياض عدداً من الثانويات الجيدة في أدائها، فقد احتلت ثانوية الشورى الاهتمام الأول لدى الآباء، لا لسبب إلا أن الطالب فيها يحس بأن من يدرسه هو أب وأخ أكبر منه، بمعنى أن مسألة الفارق في السن والخبرة الحياتية لا تخلق مسافة بين الطالب والمعلم، ولأن المديرين الذين تعاقبوا عليها هم من المتفتحين فكرياً وتربوياً ولم يأت إليها متشدد في أية شأن من شئون الحياة.

وعند بداية التسجيل تجد الشوارع المحيطة بالثانوية مسكونة بسيارات أولياء الأمور، كل يريد أن يكون ابنه ضمن طلابها، مع أن التحويل للمدارس الثانوية من المدارس المتوسطة محسوم من قبل الوزارة، لكن تغيير السكن وتفضيل تلك الثانوية يجعل هناك مداخل لأن يحصلوا على إذن القبول فيها.. وهنا أكبر سعادة لولي الأمر، لأن ابنه في أيد أمينة مخلصة.

ولعله من المفيد هنا أن نسأل: لماذا التزاحم على ثانوية الشورى بحي الروضة، ولماذا لا يسجلون في ثانويات أخرى هي أقرب للسكن من الشورى؟

الإجابة بسيطة، وقد شرحتها سابقاً، ولعل من المفيد الآن هو: هل بقيت الشورى مثلما عهدتها سابقاً أم تغيرت؟ من خلال متابعتي لأبناء الجيران فهي لا زالت تحمل وهجها السابق، وما زال الناس يخططون لقبول أبنائهم في تلك الثانوية التي نرفع لها يد المحبة والشكر على رعايتها لأبناء غادروها وما زالوا يزورون مدرسيهم بها كلما جاءت لهم فرصة، وهذا دليل على ارتباط الطالب السابق بمدرسته، وهو سر خلطة فكرية متميزة تحتفظ بها تلك الثانوية، فأين يكمن السر؟ أظنه في البساطة في التعامل مع المراهق وجعله يحس بأنه رجل يتعامل مع رجل مثله.

ثم لماذا بعض الطلاب من ثانويات أخرى لا يعرفونها بعد التخرج، بل لا يودون ذكر مدرسيها أو مديريها؟

هناك سر لنجاح ثانوية الشورى والتي نرجو لها الاستمرار. (لم أكتب هذا إلا بعد أن تخرج منها ابني فيصل والتحق بجامعة الملك فهد (البترول) قبل ثلاث سنين، لكنه إذا جاء للرياض يزور المدرسة).

حينما نكتب عن هذه المدرسة المتميزة، فلا يعني هذا إلا الإشادة بجهود نرجو أن تستمر وأن يعمم هذا النهج الجذاب والمغري للطلاب من مدرسيهم، والتواصل معهم بعد التخرج.. وفق الله الجميع.



Abo hamra@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد