Al Jazirah NewsPaper Sunday  05/04/2009 G Issue 13338
الأحد 09 ربيع الثاني 1430   العدد  13338
نوافذ
المعطلة
أميمة الخميس

 

عنوان زاويتي يشير إلى اسم الفاعل بكسر الطاء، ويحيلنا إلى قطاع نسائي كبير يقف حجرة تعطيل في وجه مركبة التنمية، وسأبادركم الآن بعدد من الإحصائيات الصادرة عن وزارة العمل، وعن وزارة الشؤون الاجتماعية كمدخل لزاويتي.

في البداية صرح مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة أنّ 70% من المستفيدات من خدمات الضمان الاجتماعي هنّ من النساء، ونعرف جميعاً بأنّ المستفيدات من الضمان هنّ اللواتي بلا مورد مالي، وبلا وظيفة، وبلا معيل، أي لا يمتلكن مصدر دخل ثابت وعالة على الدولة.

من ناحية أخرى صدرت إحصائية عن وزارة العمل ترصد عمل المواطنين من عمر 20 إلى 39 ، فكان بداخلها الكثير من الأرقام الموجعة منها: (أنّ 94% من الفتيات قد حصلن على التعليم العام مقابل 91% بين البنين، بينما تبلغ نسبة البطالة بين النساء في السعودية ما نسبته 66%، لاحظوا هذا الرقم أن يقترب من رقم المستفيدات من الضمان الاجتماعي (70%)).

هذه المفارقات المحبطة والكوابح التنموية، ترفع الكثير من علامات التعجب المحتج، على الهدر الاقتصادي الكبير الذي يطال الأهداف الوطنية المتعلقة بتعليم وتدريب المرأة، والتي يهدر عليها سنوياً الأموال الطائلة بلا مردود يصب في المسارات التنموية المتعددة .. فهي شبه مغيّبة عن سوق العمل تقريباً بلا فرص .. بلا وظائف .. بلا مساحة لاستثمار القدرات والمواهب المعطلة، هوّة واسعة تفصل بين المدخلات والمخرجات في الاقتصاد الوطني.

على مستوى القرار السياسي قطعنا نصف المسافة، فقد كان قرار مجلس الوزراء مطلع عام 1430 صريحاً ومباشراً، ولا يحتمل التأويلات لاسيما فيما يتعلق بتأنيث الوظائف ذات العلاقة المباشرة بالنساء.

أعتقد أنّ المرحلة الآن لم تعد تحتمل الكلام الموارب والمتردد العاجز عن الوقوف، والإشارة إلى مواضع الخلل والهدر والنزيف الاقتصادي بصراحة مستقلة و وطنية تصدع بالحق، لاسيما إذا عرفنا أنّ الأمر لا يتعلق بالنزيف الاقتصادي فقط، بل يتجاوزه إلى كرامة المرأة وحقوقها كمواطنة في سوق العمل، لا بدّ أن تفسح لها مجالات ومصادر رزق بشكل يحفظ ماء وجهها عن ذل الحاجة والاستعطاء والرضوخ لأوضاع مهينة لإنسانيتها، نتيجة للعجز الاقتصادي وعدم قدرتها على الوصول حتى إلى مرحلة الكفاف.

ركام النساء المستفيدات من الضمان الاجتماعي، يعلن لنا في وجهه الآخر، أنّ هناك واقعاً عاجزاً عن أن يحقق مناخاً إيجابياً داعماً لعمل المرأة، تستطيع من خلاله أن تخطو على مستوى فردي في الوصول إلى العفّة والكرامة واللقمة الحلال، وعلى مستوى وطني أكثر شمولية يدفع بعجلة التنمية، ويستثمر الطاقات الوطنية المقولبة داخل موانع من الريبة والشك والنفوس المشغولة بغرائزها ونظرتها الدونية للمرأة.

اليد العليا خير من اليد السفلى، هذا ما توارثناه وعرفناه وتربينا عليه، وأي جهة أو فكر أو شخص يريد أن يمنع المرأة من أن تنخرط في دروب الفاعلية الإيجابية وكرامة وعفة الكفاف ... هو ظالم مستبد، ولا بدّ أن يؤخذ على يده.

المرأة معطلة ... ومعطلة ... وأرقام تكشّر عن أنيابها، وتشير إلى خلل كبير وهوّة نرفض أن نردمها.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد