هكذا تناقلت وكالات الأنباء العالمية ما حدث في شوارع موسكو: (مظاهرات حاشدة تنادي بقطع يد السارق احتجاجاً على تفشِّي ظاهرة الفساد والاختلاس والسرقات، فالإحصاءات الرسمية التي صدرت أخيراً تقول: إن الفساد المتمثل في الرشوة والاختلاس والسرقة قد كلَّف الدولة ما بين 240 و300 مليار دولار، بالرغم من إقرار عقوبات على جرائم الفساد إلا أنها عقوبات بشرية غير رادعة، فهي لم تستطع أن تحدَّ من انتشار الفساد، ولهذا انطلقت تلك المظاهرات التي يطالب فيها الناس بتطبيق حد السرقة الإسلامي بعد أن أثبت نجاحه في البلاد التي تطبقه).
لقد كانت أصوات المطالبين بهذا الحدِّ الشرعي في موسكو أعلى من أن يتجاهلها الساسة، أو متعصِّبو الإعلاميين الروس، وهي أصواتٌ نابعةٌ من فطرة بشرية كامنة في أعماق النفس المغمورة بأتربةِ الانحراف والبعد عن الإيمان بالله عز وجل، وبغبار الإفساد العقدي والفكري الذي نشره الإنسان الملحد الذي ضحَّى بفطرته وروحه في سبيل ماديات الحياة ورغائبها وشهواتها.
خبرٌ نفرح به لأنه يؤكد ما نؤمن به من أنَّ ديننا الإسلامي هو المنقذ الحقيقي لهذه البشرية التائهة في دروب الأهواء والضلالات، الغارقة في الظلم والاعتداء، وسلب حقوق الضعفاء، وهو خبرٌ يثير في أنفسنا حزناً على حالة معظم بلادنا الإسلامية التي أبعدت شرع الله عن أنظمة حكمها، وعطَّلتْ الحدود الشرعية، وجلبت أنظمة غربيةً أو شرقية قضائيةً وقانونية تحكمها في شؤون البلاد والعباد، في الوقت الذي نرى فيه العالم الغربي الذي يحلو لكثير من المسلمين أن يقلِّدوه، يشهد دعوات قويةً بالعودة إلى أنظمة الإسلام وقوانينه حتى تحمي المجتمع البشري من مظاهر الفساد والإفساد المنتشرة فيه.
في موسكو خرج آلاف المتظاهرين ينادون بتطبيق حدِّ السرقة الإسلامي لأنه -كما قالوا- العقوبة العادلة الصارمة التي يمكن أن توقف سيل الفساد المالي المستشري في البلاد.
هكذا تأتينا الموعظة ممن لا يؤمنون بالإسلام ديناً، سواء في موضوع حدِّ السرقة هذا في روسيا، أم في موضوع الاقتصاد الإسلامي الذي نادى به متخصصون ماليون في الغرب والشرق لعلاج الأزمة الاقتصادية الخانقة، أم في موضوع حشمة المرأة وحجابها وتعدُّد الزوجات الذي نادت به جمعيات غربية في ألمانيا وفرنسا وأمريكا وغيرها من الدول الغربية.
حق واضح، ودين صالح لكل زمان ومكان فما أجدر أمتنا بمراجعة النفس قبل فوات الأوان.
إشارة:
كل الضلالات أقدام ومنهجنا
رأسٌ فكيف نسوِّي الرأس بالقدم