صدر منذ أيام أمر ملكي كريم بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء بالإضافة إلى منصبه الحالي وزيرا للداخلية.
|
الأمير نايف رجل قُدَّ من (المسك)، ومقال التهنئة هذا بالثقة الملكية الغالية هو عندي كقطعة (مِسْك)، حسنة السبك، خالية من الإفك، فواحة الشذى، معطرة بالوفاء، ومكللة بالثناء، وفواحة بالإخاء، وبراقة بالصفاء، أكتبه بلا إبطاء، وأضمنه آيات المحبة مجللة بالاحترام، لما يتميز به سموه الكريم من الثقافة، ولما يمتاز به من الاستنارة، ولما له من نظرة فاحصة، وتقدير ثاقب، وعين واعية، وقلب كبير، يتسع للصغير وغير الصغير، وتجارب ثرية، وتنوع في المسؤولية، اكتسبها جميعاً من طول آماد العمل، وتنوع المناصب وتقلب الأعوام، ومسيرة الشهور والأيام، وتعدد الأمكنة والأقوام.
|
إني أصف سموه في هذا المقال من موقع المحبة الصادقة، والمودة الخالصة، والولاء الراسخ، والثناء الواضح بأنه متعدد المزايا، حسن الصفات، ولو أردت أن أتحدث عنها بالتفصيل لأعيتني الكتابة، لكثرة ما يجب أن أخطه عن أريحيته، ولاحتجت إلى وقت غير قصير وإلى زمن طويل للكلام عن إنسانيته، وإلى مساحة أكبر ومجال أرحب للحديث عن دماثته ولطفه ورقي شمائله وعلو خصاله وأبوته الحانية التي ميزته عن غيره وامتاز بها على سواه، وعن حبه للعون، ومسارعته إلى المساعدة، وانصرافه عن الصرامة الظالمة، والجهامة المنفرة، وتحليه بلين العريكة الحازمة، وبالسماحة الحانية المبتسمة.
|
لا يملك الناظر إلى سموه الكريم أو المتحدث معه إلا أن يحبه من الوهلة الأولى مصداقاً للحديث الشريف (إن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).
|
إن ذكر لفظ (وزير الداخلية) في أي بلد (هناك) يكفي لإثارة الهلع والفزع، وتحويل السامع المذعور إلى كتلة من الخوف والرعب وفقدان الهدوء والسكينة، لأنه سيشعر وهو مضطرب أنه سيذهب - فور اتهامه مع براءته - هو و(اللي خلفوه) وأقاربه وأصدقاؤه و(أولاد الحارة) والجيران (إلى سابع جار) وكل من سبق أن ألقى عليه مجرد التحية ذات يوم وقال له فقط (السلام عليكم) أو (مرحبا) وراء الشمس.
|
ولكن الأمر مختلف هنا، فمثل ما ذكرنا لن يحدث أبدا، وسيبقى المأخوذ تحت أشعة الشمس - وليس وراءها - ينعم بدفئها في فصل الشتاء البارد، وتحت (المكيف) يستمتع بهوائه الرطب في الصيف القائظ، و(لا عليه إلا العافية)، فلا صفعة على الخد، ولا ركلة على القفا، ولا تعذيب ولا تغريب ولا ما يحزنون، بل احترام كامل للإنسانية، وتقيد شامل بالحقوق، وسينطبق عليه وعلى من هم في مثل موقفه أو في غيره القاعدة الأخلاقية الدينية (ولا تزر وازرة وزر أخرى) مع نظرة أبوية رحيمة ورعاية كريمة اشتهر بهما سموه الكريم على وجه الخصوص لا تلبثان أن تلعبا دورهما الإيجابي في العفو عن غير المعاندين والتسامح مع غير المكابرين.
|
مرة أخرى أقدم لسمو الأمير نايف باقة من التهنئة بهذا التكليف الملكي الإضافي الكبير، تفوح منها رائحة الورد والقرنفل والياسمين، وسائر الأزاهير والرياحين، ويستنشق من عبيرها الحلو وأريجها الجذاب وعطرها الرقيق ما تستحليه القلوب وتسعد به النفوس وتلذ به الأرواح وتستمتع به العيون وتمتلئ به الأفئدة.
|
إنكم - يا طويل العمر - الرجل المناسب قد وضع حقا في المكان والزمان المناسبين، ويصدق على سموكم لهذا قول الشاعر:
|
أتته (المناصب) منقادة |
إليه تجرجر أذيالها |
فلم تك تصلح إلا له |
ولم يك يصلح إلا لها |
الجميع يشكرون خادم الحرمين على حسن اختياره، وأنا بدوري أتمنى لكم صحة دائمة وعناية ربانية متواصلة فيما تأتون وتذرون في المستقبل، تماما كما كان ديدنكم في الماضي نجاحا بعد نجاح وتوفيقا إثر توفيق وإنجازا فوق إنجاز لخدمة البلاد، وكذلك العباد من المواطنين، ومن الوافدين عربا أو أعجميين، الذين أسعدهم حظهم بالإقامة في كنف هذا الوطن المعطاء. ويحسن بي في هذا المقام أن أثني على سموكم بقول الشاعر الذي تستحقون مديحه:
|
ما قال (لا) قط إلا في تشهده |
لولا لتشهد كانت لاؤه (نعم) |
وأن أعتذر عن تقصيري بقول شاعر آخر:
|
لا خيل عندك تهديها ولا مال |
ليسعد النطق إن لم تسعد الحال |
|
لو كان يهدى إلى الإنسان قيمته |
لكان يهدى لك الدنيا وما فيها |
أرجو أن أكون قد أحسنت النطق الصائب، وجليت الشعور الصادق، وأبنت المحبة الكامنة، وجانبت الزلل، ولم أقع في الخلل، أو أوسم بالخطل.
|
ومن الواجب هنا أن أدعو الله أن يعيد إلينا صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد الممجد، ونائب رئيس مجلس الوزراء المحمد، سالما غانما في رحلة إياب ميمونة بعد أن يمن عليه بالشفاء التام العاجل ليمارس عمله الدؤوب بهمته ونشاطه المعهودين مع أخيه خادم الحرمين الشريفين وإخوته الكرام وسط أجواء من ترحيب المحبين وما أكثر عددهم، والمريدين وما أعمق محبتهم.
|
وأخيرا أقدم تهنئتي أيضا لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي رافق سمو ولي العهد ولازمه طوال مدة إقامته وأثناء مرحلة العلاج دون كلل ولا ملل، بما عرف عن سموه من طيب الشمائل، وجميل الخصال، وعمق الوفاء.
|
وكذلك التهنئة موصولة إلى ذرية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز الصالحة التي يصدق على كل فرد منها الأثر (من شابه أباه - في فضائله - فما ظلم) وأخص منها بالذكر صاحبي السمو الملكي الأميرين سعود ومحمد ابني نايف، وفقهما الله في أعمالهما، وأمد في أعمارهما.
|
*أستاذ سابق في الجامعة |
|