الرجل الاستثنائي الذي تتزاحم الألقاب (السامية) لتسبق اسمه وحُقَّ لها ذلك، سكونه يفيض بالهيبة والوقار، وكلمته الضافية ترفل بالجزالة والفصاحة، أديب فارس محنك.. هذا هو بعض نايف بن عبدالعزيز، أمير الأمن والحكمة.. أمير السمت الأخلاق؛ الذي قلما يجود به الزمان وإن جاد فليس كمثل ابن عبدالعزيز الأغر نايف.
من يستمع إلى نايف بن عبدالعزيز وهو يتحدث فسيعرف المعنى الحقيقي للبلاغة الرصينة المسنودة بذلكم الكم الكبير من المعلومات الواسعة (المتنوعة)، ثقافة ثرة (خصبة) شكلت شخصيته (الفريدة) وأسهمت في بناء معلمها تلكم السنين من العمل المتواصل الناجح (الجاد).
من ينصت إلى نايف بن عبدالعزيز وهو يخطب فسيشعر وكأنه أمام عالم موسوعي جمع أطرافاً عدة من مختلف المعارف والمشارب؛ فلم يشغله عمله الأمني والإداري المفصلي (الحساس) عن الاطلاع والقراءة في شتى المجالات السياسية والتاريخية والأدبية.
كان لالتحاق سموه بمدرسة الأمراء وطلبه للعلم على أيدي كبار العلماء والمشايخ أثر واضح في تكوينه الفكري (الثقافي)، إذ كان - والده - الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - حريصاً على تعليمه وتثقيفه ليكون في صدارة الرجال وفي مقدمتهم دائماً، وها هو الأمير النبيل يواصل المسيرة ويضاعف الجهود ويرسم أروع الصور في خدمة هذا الوطن المعطاء.
لم يقف الأمير عند التزود من العلم فحسب، فحبه له دفعه لتأسيس ركائز متينة تسهم - كل يوم - في خدمة أجيال المستقبل وفي دفع العجلة التعليمية إلى الأمام.. ومن ذلك إنشاء جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية عام 2004م، التي تجسد حرص سموه على تطوير وتحسين أداء الكوادر الأمنية بالمملكة العربية السعودية، فهو يعلم جيداً أن العلم هو أساس التنمية والمعرفة، وأن السبيل الأمثل للرقي بأداء القطاعات الأمنية هو في تأسيسها علمياً فعملياً سواء أكان ذلك على مستوى الأفراد بالدورات التدريبية والندوات العلمية أو عن طريق البحوث والدراسات التي تدرس الأوضاع الأمنية الداخلية والخارجية. ولم يقتصر اهتمام سموه العلمي على المجال الأمني فحسب بل تعداه إلى مختلف العلوم الأخرى. وفي أحد تصريحات سموه السابقة أشار إلى أن (الأمن الفكري لا يقل عن الأمن العام بكل أجهزته الأمنية). ولعل تأسيس (جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة) هي خير شاهد إلى ما أرمي إليه. وهذه الجائزة هي عبارة عن منحة تقديرية تكون بصفة دورية كل عامين في مجال من مجالات خدمة السنة النبوية. علماً بأن هذه الجائزة قامت على الجهود الذاتية لسموه فلم تتبنها أي جامعة أو جهة علمية، وقيمة الجائزة وجميع نفقاتها تصرف من الحساب الخاص لسموه ابتغاء وجه الله تعالى.
دلف الأمير نايف إلى وزارة الداخلية يوم التاسع والعشرين من شهر ربيع الأول للعام 1390هـ نائباً للوزير، ومُذْ ذلك الحين والنجاحات تتواصل على هذا القطاع الذي مرَّ بأزمات مصيرية (صعبة) كانت تحتاج إلى مثل هذا الرجل الذي قادها إلى برِّ الأمان، وبقيادة سموه الحكيمة والمتزنة استطاعت المملكة العربية السعودية وباقتدار أن تطفئ نار الإرهاب وتسيطر على خلاياه وفئاته الضالة، فتمكنت القوات الأمنية السعودية من إبطال مئات المخططات الإرهابية التي تسعى إلى تقويض أمن هذا البلد واستقراره، فالمملكة لم تتعرض لاعتداءات كبيرة، كما حصل في الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة (بريطانيا) بالرغم من امتلاكهما قوات أمنية عالية المستوى. وهذا النجاح الذي قاد به الأمير نايف وزارة الداخلية كان مثار استحسان الجهات الحكومية والأهلية التي سارعت إلى تكريمه والاحتفاء به، ومن ذلك حصوله على وسام الملك عبدالعزيز من الطبقة الأولى الذي يعد أعلى وسام في المملكة العربية السعودية، كما تشرفت جامعة أم القرى بتسليم سموه شهادة الدكتوراه الفخرية في السياسة الشرعية، وعلى الصعيد الدولي منحته جامعة (شنغ تشن) الصينية الدكتوراه الفخرية، وجامعة كوريا الجنوبية أيضاً كان لها شرف تكريمه عندما منحته الدكتوراه الفخرية في القانون، وقد حظي سموه بالكثير من الأوسمة والنياشين الدولية العالية المستوى ومنها حصوله على وسام جوقة الشرف من جمهورية فرنسا، ووسام الكوكب من المملكة الأردنية الهاشمية، ووسام المحرر الأكبر من جمهورية فنزويلا، ووسام الأمن القومي من جمهورية كوريا الجنوبية، وعلى وسام الأرز من الجمهورية اللبنانية.
ويُعَدُّ سموه الكفاءة الأولى أمنياً على المستوى العربي فكان له قصب السبق في إقرار عدد من القوانين الأمنية في الدول العربية، إذ يرأس سموه مجلس وزراء الداخلية العرب، ويصنف هذا المجلس الوزاري من أفضل المجالس وأكثرها نتاجاً، فمن أبرز القرارات التي اتخذها برئاسة سموه إقرار مشروع الإستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية، وإقرار الإستراتيجية الأمنية العربية في دورته الثانية المنعقدة في بغداد عام 1404هـ، بالإضافة إلى إقرار الخطة الوقائية العربية الأمنية خلال دورته الثالثة التي عقدت في تونس سنة 1405هـ، كما تم أيضاً إقرار الخطة الأمنية العربية في دورته الرابعة. ويحرص سموه خلال هذه الاجتماعات الدورية أن يصل المجلس إلى قرارات إيجابية تعود بالنفع على الدول الأعضاء ومواطنيها، وخلال الدورة العاشرة التي عقدت عام 1413هـ اتخذ أيضاً عدة قرارات مهمة أبرزها اعتماد التقرير الخاص بتنفيذ الخطة المرحلية للإستراتيجية العربية لمكافحة المخدرات. ويطول الحديث عن هذا المجلس الذي استشفيت أبرز قراراته التي كان لسمو الأمير نايف قصب السبق في المبادرة بها واعتمادها.
يتمتع الأمير نايف بشخصية قيادية فذة تتميز بالهدوء والحكمة والروية في معالجة الأمور على المستوى العملي، أما على الصعيد الشخصي فيتميز الأمير بحبه للخير ومساعدة الناس وقضاء حوائجهم وبتواضعه الجم، فعلى الرغم من مشاغله الكثيرة والمتنوعة إلا أنه يقتطع من وقته الثمين للنظر في معاملات المواطنين وطلباتهم ويناقشهم فيها، ويبت فيها شخصياً.
يمثل الأمير نايف بشخصيته الفريدة الشخصية المثالية للرجل العربي الأصيل بكل ما تحمله من (الكريزما)، إذ تحيط به تلكم الصفات النبيلة التي ورثها عن آبائه وأجداده كالمروءة، والشهامة، والنخوة، والكرم، والشجاعة، والبسالة، والنبل، ورجاحة الرأي. وإلى جانب هذه المشاغل الجمة فإن سموه يحتفظ ببعض الهوايات العربية الأصيلة تتصدرها رياضة الصيد بالصقور إذ تعد هوايته المفضلة التي كان يمارسها منذ صغره حتى أنه اشتهر بلقب (سيد صقاري الجزيرة)، فيملك سموه أفضل أنواع الصقور إلى جانب عدد من الخيل والإبل العربية الأصيلة، ومع كل ذلك وذاك لم يتخلَّ عن القراءة فهي في مقدمة هذه الهوايات. فحق لنا نحن العرب أن نفخر بهذا الرجل.
Alfaisal411@hotmail.com